قلت: ولو نظرت إلى الأنعام لوجدت فيها من الوداعة والودِّ والدّفء والمنافع والجمال مَا لا تجده عند كثير مِن الجهَّال، الّذين امتلأت قلوبهم غيظاً وحسداً وحقداً، وهذا بلاء لا يرفع إلَّا بالهداية والعلم.
كما أخبر الله تعالى أنَّ شرَّ الدَّواب عنده الجهَّال، قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢)} [الأنفال]. وأخبر أنَّ كثيراً مِن الإنس والجنِّ يدخلون جهنَّم بسبب جهلهم وغفلتهم وإعراضهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف]. وخاطب الله تعالى نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - مُعَرِّضاً بالجاهلين، فقال تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)} [الأنعام] والخطاب وإنْ كان للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عينه، إلَّا أنَّ المراد به غيره؛ فالله تعالى قد أعاذه، وحاشا للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يكون منهم. ووعظ الله تعالى نوحاً - عليه السلام -، فقال: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)} [هود]، وقَال موسى - عليه السلام -: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧)} [البقرة].
وأمر الله تعالى نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بالإعراض عن الجاهلين، فقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} [الأعراف]. وامتدح عباده بالإعراض