للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاحتكام إلى الكتاب والسّنّة يحمي المجتمع عند الاختلاف، فهو يحكم الأهواء ويجمع الكلمة، ولذلك قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (١٠)} [الشّورى]، وقَال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (٥٩)} [النّساء] والرَّدُّ إلى الله تعالى ردٌّ إلى كتابه، والرَّدُّ إلى الرّسول - صلى الله عليه وسلم - هو سؤاله في حياته، والنَّظر في سنَّته بعد وفاته.

والرّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة ليس نافلة، وإنَّما هو حدُّ الإيمان، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النّساء]. وقد أخبر الله تعالى أنَّه ليس وراء حكمه إلَّا حكم الجاهليّة، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة].

واعلم أنَّ الأمور الَّتي تختلف فيها الأمَّة إذا لم تردَّ إلى الله والرَّسول لا يعرف فيها الحقُّ، ولا يتبيّن فيها السَّبيل، ورحم الله تعالى الإمام مَالِك حَيْثُ يقول: "لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُهَا".

ومن أهمّ أسباب النّجاة من الفتن: لزوم العلماء ورثة الأنبياء، فهم في النّوازل أئمَّة الهدى، وعند الاختلاف مصابيح الدُّجى؛ قال تعالى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت]، وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (٨٣)} [النِّساء].

فاسمع واعقل عن العلماء الحُلماء، فتنجو حين لا ينجيك إنسان، ولا تكن

<<  <   >  >>