[بَاب الْاسْتِمْطَارِ بِالنُّجُومِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ»
ــ
٣ - بَابُ الِاسْتِمْطَارِ بِالنُّجُومِ
٤٥١ - ٤٥٢ - (مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، الْمَدَنِيِّ، ثِقَةٌ ثَبْتٌ فَقِيهٌ تَقَدَّمَ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بِفَتْحِهَا (ابْنِ عُتْبَةَ) بِضَمِّهَا وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ (ابْنِ مَسْعُودٍ) أَحَدِ الْفُقَهَاءِ (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَفَتْحِ الْهَاءِ هَكَذَا يَقُولُ صَالِحٌ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِيهِ، وَخَالَفَهُ الزُّهْرِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِهِمَا (عُبَيْدِ اللَّهِ) فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَقِبَ رِوَايَةِ صَالِحٍ فَصَحَّحَ الطَّرِيقَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعَ مِنْ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا عِدَّةَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا حَدِيثُ الْعَسِيفِ وَحَدِيثُ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَ هَذَا مِنْهُمَا فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا، وَتَارَةً عَنْ هَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا لِاخْتِلَافِ لَفْظِهِمَا، وَقَدْ صَرَّحَ صَالِحٌ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ (أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: لِأَجْلِنَا، وَاللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ؛ أَيْ: صَلَّى بِنَا وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ ذَلِكَ مَجَازًا وَإِنَّمَا الصَّلَاةُ لِلَّهِ تَعَالَى (صَلَاةُ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّصْغِيرِ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مُشَدَّدَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، يُقَالُ: سُمِّيَتْ بِشَجَرَةٍ حَدْبَاءَ كَانَتْ هُنَاكَ، وَكَانَ تَحْتَهَا بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ (عَلَى إِثْرِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَا يَعْقِبُ الشَّيْءَ؛ أَيْ: عَلَى عَقِبِ (سَمَاءٍ) أيْ: مَطَرٍ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا سَمَاءً لِنُزُولِهَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ، وَكُلُّ جِهَةِ عُلُوٍّ يُسَمَّى سَمَاءً (كَانَتِ) السَّمَاءُ (مِنَ اللَّيْلِ) بِالْجَمْعِ لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنَ اللَّيْلَةِ بِالْإِفْرَادِ (فَلَمَّا انْصَرَفَ) مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ مِنْ مَكَانِهِ (أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ) بِوَجْهِهِ الْوَجِيهِ (فَقَالَ) لَهُمْ (أَتَدْرُونَ) وَلِأُوَيْسِيٍّ هَلْ تَدْرُونَ؟ (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ) بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، عَنْ صَالِحٍ: «أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ» ؟ (قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) فِيهِ طَرْحُ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِدِقَّةِ نَظَرٍ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْمُتَمَكِّنِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْإِشَارَاتِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِبَارَاتٍ يَنْسُبُهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنِ اسْتِفْهَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةَ وَحَمَلَ الِاسْتِفْهَامَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لَكِنَّهُمْ فَهِمُوا خِلَافَ ذَلِكَ؛ وَلِذَا لَمْ يُجِيبُوا إِلَّا بِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؛ قَالَهُ الْحَافِظُ. (قَالَ: قَالَ) رَبُّكُمْ وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute