للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب الْقَضَاءِ فِي عِمَارَةِ الْمَوَاتِ]

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ مَالِكٌ وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ كُلُّ مَا احْتُفِرَ أَوْ أُخِذَ أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ

ــ

٢٤ - بَابُ الْقَضَاءِ فِي عِمَارَةِ الْمَوَاتِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمَوَاتُ بِالضَّمِّ الْمَوْتُ، وَبِالْفَتْحِ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ، وَالْمَوَتَانُ بِالتَّحْرِيكِ خِلَافُ الْحَيَوَانِ، يُقَالُ: اشْتَرِ الْمَوَتَانِ وَلَا تَشْتَرِ الْحَيَوَانَ، أَيِ اشْتَرِ الْأَرَضِينَ وَالدُّورَ وَلَا تَشْتَرِ الرَّقِيقَ وَالدَّوَابَّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَوَتَانُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تَحْيَ بَعْدُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «مَوَتَانُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَمَنْ أَحْيَا مِنْهَا شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» ".

١٤٥٦ - ١٤١٩ - (مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) مُرْسَلٌ بِاتِّفَاقِ الرُّوَاةِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ: فَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ أَصَحُّ، وَطَائِفَةٌ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَطَائِفَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ، وَطَائِفَةٌ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى عُرْوَةَ، فَرَوَاهُ ابْنُهُ يَحْيَى عَنْهُ عَنْ صَحَابِيٍّ لَمْ يُسَمِّهِ، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْهُ فَقَالَ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ. فَهَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى عُرْوَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ الْإِرْسَالُ، وَهُوَ أَيْضًا صَحِيحٌ مُسْنَدٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَصَحَّحَهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً» ) بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ ; لِأَنَّهُ إِذَا خُفِّفَ تُحْذَفُ مِنْهُ تَاءُ التَّأْنِيثِ، وَالْمَيِّتَةُ وَالْمَوَاتُ وَالْمَوَتَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ: الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْمَيْتَةِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهَا. (فَهِيَ لَهُ) بِمُجَرَّدِ الْإِحْيَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي الْبَعِيدَةِ عَنِ الْعِمَارَةِ اتِّفَاقًا. قَالَ مَالِكٌ: مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ وَمَا بَعُدَ مِنَ الْعُمْرَانِ، فَإِنْ قَرُبَ فَلَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: يُحْيِيهَا مَنْ شَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ، قَائِلًا: عَطِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا

<<  <  ج: ص:  >  >>