[مَا جَاءَ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ]
٥ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي»
ــ
١٧٧٦ - ١٧٢٨ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ) بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ أَبِي طُوَالَةَ - بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ - الْمَدَنِيِّ قَاضِيهَا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثِقَةٌ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ، وَمُوَحَّدَتَيْنِ - (سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ) الْمَدَنِيِّ، ثِقَةٌ مُتْقِنٌ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ) (سورة الْأَحْزَابِ: الْآيَةُ ٤) ، (يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ) ، نِدَاءُ تَنْوِيهٍ وَإِكْرَامٍ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، أَيِ اسْتِعْظَامٌ (لِجَلَالِي) ، أَيْ لِعَظَمَتِي، أَيْ لِأَجْلِ تَعْظِيمِ حَقِّي وَطَاعَتِي، لَا لِغَرَضِ دُنْيَا، فَخَصَّ الْجَلَالَ بِالذِّكْرِ لِدِلَالَتِهِ عَلَى الْهَيْبَةِ وَالسَّطْوَةِ، أَيِ الْمُنَزَّهُونَ عَنْ شَوَائِبِ الْهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ فِي الْمَحَبَّةِ، فَلَا تَحَابُّونَ إِلَّا لِأَجْلِي وَلِوَجْهِي، لَا لِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، قِيلَ: التَّحَابُّ لِلْجَلَالِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْحُبُّ بِالْبِرِّ، وَلَا يَنْقُصَ بِالْجَفَاءِ، (الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي) قَالَ عِيَاضٌ: هِيَ إِضَافَةُ خَلْقٍ وَتَشْرِيفٍ لِأَنَّ الظِّلَالَ كُلَّهَا خَلْقُ اللَّهِ، وَجَاءَ مُفَسَّرًا فِي ظِلِّ عَرْشِي فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُظِلُّهُمْ حَقِيقَةً مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ، وَوَهَجِ الْمَوْقِفِ، وَأَنْفَاسِ الْخَلَائِقِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: كِنَايَةٌ عَنْ كَنِّهِمْ مِنَ الْمَكَارِهِ، وَجَعْلِهِمْ فِي كَنَفِهِ وَسَتْرِهِ، وَمِنْهُ: السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ، أَيْ فِي كَنَفِهِ وَعِزَّتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الظِّلُّ هُنَا كِنَايَةً عَنِ الرَّاحَةِ، وَالتَّنَعُّمِ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَيْشٌ ظَلِيلٌ، (يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute