[عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ]
بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ خَاضَ الرَّحْمَةَ حَتَّى إِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّتْ فِيهِ أَوْ نَحْوَ هَذَا
ــ
٧ - بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ
أَصْلُ عِيَادَةٍ عِوَادَةٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، يُقَالُ: عُدْتُ الْمَرِيضَ أَعُودُهُ عِيَادَةً إِذَا زُرْتَهُ وَسَأَلْتَهُ عَنْ حَالِهِ، وَالطِّيَرَةُ - بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ -: التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ، وَأَصْلُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمْ لِحَاجَةٍ، فَإِنْ رَأَى الطَّيْرَ طَارَ عَنْ يَمِينِهِ تَيَمَّنَ بِهِ وَاسْتَمَرَّ، وَإِنْ طَارَ عَنْ يَسَارِهِ تَشَاءَمَ بِهِ وَرَجَعَ، وَرُبَّمَا هَيَّجُوا الطَّيْرَ لِيَطِيرَ فَيَعْتَمِدُونَ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ مَعَهُمْ فِي الْغَالِبِ لِتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ ذَلِكَ، وَبَقِيَتْ بَقَايَا مِنْ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَهَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ مَرْفُوعًا: " «ثَلَاثَةٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ، وَالظَّنُّ، وَالْحَسَدُ، فَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَلَا تَرْجِعْ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَحَقَّقْ» "، وَهَذَا مُرْسَلٌ أَوْ مُعْضَلٌ، لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ، وَلِابْنِ عَدِيِّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «إِذَا تَطَيَّرْتُمْ فَأَمْضُوا، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا» ، ولِلْبَيْهَقِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو: «مَنْ عَرَضَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الطِّيَرَةِ شَيْءٌ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» .
١٧١٤ - (مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ) أَخْرَجَهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدَ بِرِجَالِ الصَّحِيحِ، (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ خَاضَ الرَّحْمَةَ» ) ، شَبَّهَ الرَّحْمَةَ بِالْمَاءِ، إِمَّا فِي الطَّهَارَةِ، وَإِمَّا فِي الشُّيُوعِ وَالشُّمُولِ، وَنَسَبَ إِلَيْهَا مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنَ الْخَوْضِ (حَتَّى إِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّتْ) ، أَيْ ثَبَتَتْ (فِيهِ أَوْ نَحْوُ هَذَا) شَكٌّ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ جَابِرٍ: " قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا» "، وَلَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: " «عَائِدُ الْمَرِيضِ يَخُوضُ الرَّحْمَةَ، فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، وَمِنْ تَمَامِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَنْ يَضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ عَلَى يَدِهِ فَيَسْأَلُهُ كَيْفَ هُوَ، وَتَمَامُ تَحِيَّتِكُمْ بَيْنَكُمُ الْمُصَافَحَةُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute