[كِتَابُ الْوَصِيَّةِ] [باب الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ]
بَاب الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ»
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُوصِيَ إِذَا أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَتَاقَةُ رَقِيقٍ مِنْ رَقِيقِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ وَيَصْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَطْرَحَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ وَيُبْدِلَهَا فَعَلَ إِلَّا أَنْ يُدَبِّرَ مَمْلُوكًا فَإِنْ دَبَّرَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى تَغْيِيرِ مَا دَبَّرَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ قَالَ مَالِكٌ فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي لَا يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ وَلَا مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْعَتَاقَةِ كَانَ كُلُّ مُوصٍ قَدْ حَبَسَ مَالَهُ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ مِنْ الْعَتَاقَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ يُوصِي الرَّجُلُ فِي صِحَّتِهِ وَعِنْدَ سَفَرِهِ قَالَ مَالِكٌ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ غَيْرَ التَّدْبِيرِ
ــ
٣٧ - كِتَابُ الْوَصِيَّةِ
١ - بَابُ الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ
١٤٩٢ - ١٤٤٧ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ) الثِّقَةِ الثَّبْتِ الْفَقِيهِ الْمَشْهُورِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا) نَافِيَةٌ، أَيْ لَيْسَ (حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَسَقَطَ لَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ، وَالْوَصْفُ بِهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، أَوْ ذُكِرَ لِلتَّهْيِيجِ لِتَقَعَ الْمُبَادَرَةُ لِامْتِثَالِهِ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ مِنْ نَفْيِ الْإِسْلَامِ عَنْ تَارِكِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِي يَمْتَثِلُ لِأَمْرٍ وَيَجْتَنِبُ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ لِمُسْلِمٍ، وَوَصِيَّةُ الْكَافِرِ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبَحَثَ فِيهِ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهَا شُرِعَتْ زِيَادَةً فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالْكَافِرُ لَا عَمَلَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ كَالْإِعْتَاقِ وَهُوَ يَصِحُّ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ (لَهُ شَيْءٌ) صِفَةٌ لِامْرِئٍ (يُوصَى فِيهِ) صِفَةٌ لِشَيْءٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: " «لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ» ". وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: " «مَا حَقُّ امْرِئٍ يُؤْمِنُ بِالْوَصِيَّةِ» ". قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَيْ يُؤْمِنُ بِأَنَّهَا حَقٌّ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: " «لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ» ". . . إِلَخْ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ عَوْنٍ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: " «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ مَالٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ» ". وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طُرُقِ ابْنِ عَوْنٍ بِلَفْظِ: " «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ مَالٌ» ". قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَمْ يُتَابِعِ ابْنَ عَوْنٍ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، قَالَ الْحَافِظُ: إِنْ عَنَى عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِهِمَا فَمُسْلِمٌ، لَكِنَّ الْمَعْنَى يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute