[بَاب صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثُمَّ جَاءَ الثَّبْتُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَلَا يَرَوْنَ بِصِيَامِهِ تَطَوُّعًا بَأْسًا قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا
ــ
٢١ - بَابُ صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ
- (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ) أَنَّهُ (مِنْ شَعْبَانَ) نَهْيُ كَرَاهَةٍ عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ أَوْ حُرْمَةٍ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: " «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» "، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ جَزْمًا لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمُ اتِّفَاقًا، وَخَالَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ الْمَالِكِيُّ فَقَالَ: هُوَ مَوْقُوفٌ، وَجَمَعَ الْحَافِظُ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ (إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ) احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْهُ، (وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثُمَّ جَاءَ الثَّبَتُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، (أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، (وَلَا يَرَوْنَ بِصِيَامِهِ تَطَوُّعًا بَأْسًا) لِأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ مُنْتَفِيَةٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إِذَا وَافَقَ عَادَتَهُ أَوْ صَادَفَ نَذْرَهُ أَوْ صَامَهُ قَضَاءً، (قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا) الْمَدِينَةِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى تَحَرِّيهِ مِنْ رَمَضَانَ لَا لِغَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا: " «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» "، قَالَهُ عِيَاضٌ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " إِلَّا رَجُلٌ " إِلَى أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقْدِيمِ تَعْظِيمًا وَتَحَرِّيًا لِلشَّهْرِ، وَفِي رِوَايَةِ: " «لَا تَتَحَرَّوْا رَمَضَانَ» "، أَمَّا مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الصِّيَامُ قَبْلَهُ أَوْ صِيَامُ الِاثْنَيْنِ وَنَحْوَهُ فَلَا يَمْنَعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute