[بَاب الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ» قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا
ــ
٣٤ - بَابُ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ
أَيْ فِي بَعْضِهِ، وَبَقَاءُ مَشْرُوعِيَّتِهِ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ هُوَ بِسُنَّةٍ، مَنْ شَاءَ رَمَلَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَرْمُلْ، وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالْمِيمِ: الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ شَبِيهٌ بِالْهَرْوَلَةِ، وَأَصْلُهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ فِي مِشْيَتِهِ.
٨١٦ - ٨٠٦ - (مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ) الصَّادِقِ (بْنِ مُحَمَّدٍ) فَقِيهٌ صَدُوقٌ إِمَامٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، (عَنْ أَبِيهِ) مُحَمَّدِ الْبَاقِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ الثِّقَةِ الْفَاضِلِ مِنْ سَادَاتِ آلِ الْبَيْتِ، (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) الصَّحَابِيِّ ابْنِ الصَّحَابِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَلَ» ) بِفَتْحَتَيْنِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: ( «مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ» ) وَهِيَ الْأُوَلُ.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدُمُ، فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: " «كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» ، فَالرَّمَلُ سُنَّةٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، فَلَوْ تَرَكَهُ فِيهَا وَلَوْ عَمْدًا، لَمْ يَرْمُلْ فِيمَا بَقِيَ كَتَارِكِ السُّورَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا يَقْرَأُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ هَيْئَةَ الطَّوَافِ فِي الْأَرْبَعِ الْأَخِيرَةِ السَّكِينَةُ فَلَا تُغَيَّرُ، وَلَا فَرْقَ فِي سُنِّيَّةِ الرَّمَلِ بَيْنَ مَاشٍ وَرَاكِبٍ، أَوْ مَحْمُولٍ لِمَرَضٍ أَوْ صَبِيٍّ، وَلَا دَمَ بِتَرْكِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ "، وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِيعَابُ الرَّمَلِ فِي جَمِيعِ الطَّوْفَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءَ عَلَيْهِمْ» "، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِاسْتِيعَابِ، فَيُعَارِضُ حَدِيثَ جَابِرٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ لِكَوْنِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute