[[باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم وقضايا أخرى]]
كِتَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَا بِالْآدَمِ وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
ــ
٤٩ - كِتَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
١ - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
١٧٠٧ - ١٦٥٧ - (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) فَرُّوخٍ الْفَقِيهِ الْمَدَنِيِّ، الْمَعْرُوفُ بِرَبِيعَةَ الرَّأْيِ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ) أَيْ: رَبِيعَةَ (سَمِعَهُ) أَيْ: أَنَسًا (يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ الْحَافِظُ: الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا صِفَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةٌ فِي قِسْمِ الْمَرْفُوعِ بِاتِّفَاقٍ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ قَوْلًا لَهُ وَلَا فِعْلًا وَلَا تَقْرِيرًا انْتَهَى.
وَلِذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مَوْضُوعُ الْحَدِيثِ: ذَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَدُّهُ: عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ أَقْوَالُهُ وَأَحْوَالُهُ، وَغَايَتُهُ: الْفَوْزُ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ (لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ) بِمُوَحَّدَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ فَارَقَ مَنْ سِوَاهُ، أَيِ: الْمُفْرِطِ فِي الطُّولِ مَعَ اضْطِرَابِ الْقَامَةِ (وَلَا بِالْقَصِيرِ) أَيِ الْبَائِنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَإِذَا نُفِيَا عَنْهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: لَكِنَّهُ إِلَى الطُّولِ أَقْرَبُ، وَكَذَا رَوَاهُ الذُّهْلِيُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَبْعَةً وَهُوَ إِلَى الطُّولِ أَقْرَبُ، وَجَمَعَ بَيْنَ النَّفْيَيْنِ لِتَوَجُّهِ الْأَوَّلِ إِلَى الْوَصْفِ، أَيْ: لَيْسَ طُولُهُ مُفْرِطًا، فَفِيهِ إِثْبَاتُ الطُّولِ فَاحْتِيجَ لِلثَّانِي وَذَلِكَ صِفَتُهُ الذَّاتِيَّةُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَاشَى الطَّوِيلَ زَادَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ حَتَّى لَا يَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ صُورَةً كَمَا لَا يَتَطَاوَلُ عَلَيْهِ مَعْنًى.
رَوَى ابْنُ أَبِي خُثَيْمَةَ عَنْ عَائِشَةَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُمَاشِيهِ مِنَ النَّاسِ يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ إِلَّا طَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُبَّمَا اكْتَنَفَهُ الرَّجُلَانِ الطَّوِيلَانِ فَيَطُولُهُمَا، فَإِذَا فَارَقَاهُ - نُسِبَا إِلَى الطُّولِ، وَنُسِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّبْعَةِ.
وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيٍّ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالذَّاهِبِ طُولًا وَفَوْقَ الرَّبْعَةِ فَإِذَا جَاءَ مَعَ الْقَوْمِ غَمَرَهُمْ» " بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ، أَيْ: زَادَ عَلَيْهِمْ فِي الطُّولِ، وَهَلْ بِإِحْدَاثِ اللَّهِ لَهُ طُولًا حَقِيقَةً حِينَئِذٍ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يُرَى فِي أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ وَجَسَدُهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} [الأنفال: ٤٤]