للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَيْلِ وَالْمُسَابَقَةِ بَيْنَهَا وَالنَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ]

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

ــ

١٩ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَيْلِ وَالْمُسَابَقَةِ بَيْنَهَا وَالنَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ

١٠١٦ - ٩٩٩ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا» ) جَمْعُ نَاصِيَةٍ الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَنَّى بِالنَّوَاصِي عَنْ جَمِيعِ الْفَرَسِ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ مُبَارَكُ النَّاصِيَةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْحَافِظُ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» " وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ: " «الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» " قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَصَّ النَّاصِيَةَ لِكَوْنِهَا الْمُقَدَّمَ مِنْهَا إِشَارَةً إِلَى الْفَضْلِ فِي الْإِقْدَامِ بِهَا عَلَى الْعَدُوِّ دُونَ الْمُؤَخَّرِ لِأَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى الْإِدْبَارِ.

وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَرِيرٍ: " «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْوِي نَاصِيَةَ فَرَسِهِ بِأُصْبُعِهِ وَيَقُولُ: الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا» ".

( «الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) ؛ أَيْ: إِلَى قُرْبِهِ، أَعْلَمَ بِهِ أَنَّ الْجِهَادَ قَائِمٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، زَادَ الشَّيْخَانِ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ مَرْفُوعًا: " «الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» " بِرَفْعِهِمَا بَدَلٌ مِنَ الْخَيْرِ أَوْ بِتَقْدِيرِ هُوَ الْأَجْرُ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «قَالُوا: بِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» " وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ؛ أَيِ: الْخَيْلُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْغَزْوِ بِأَنْ يُقَاتَلَ عَلَيْهَا أَوْ تُرْبَطَ لِلْغَزْوِ، وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا: «الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ» ، الْحَدِيثَ السَّابِقَ.

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْخَيْلِ؛ أَيْ: أَنَّهَا بِصَدَدِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الْخَيْرُ، فَأَمَّا مَنِ ارْتَبَطَهَا لِعَمَلٍ صَالِحٍ فَالْوِزْرُ لِطَرَيَانِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْعَارِضِ.

وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: " «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ» " وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِهِ، نَعَمْ لَفْظُ " «مَعْقُودٌ فِيهِمَا» " مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَجَرِيرٍ فِي مُسْلِمٍ، وَأَحْمَدَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الطَّبَرَانِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى وَجَابِرٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَعْنَاهُ مُلَازِمٌ لَهَا كَأَنَّهُ مَعْقُودٌ فِيهَا.

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيَجُوزُ أَنَّ الْخَيْرَ الْمُفَسَّرَ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ لِأَنَّ الْخَيْرَ لَيْسَ بِشَيْءٍ مَحْسُوسٍ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى النَّاصِيَةِ، لَكِنْ شَبَّهَهُ لِظُهُورِهِ وَمُلَازَمَتِهِ بِشَيْءٍ مَحْسُوسٍ مَعْقُودٍ يُجْعَلُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ فَنَسَبَ الْخَيْرَ إِلَى لَازِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَذِكْرُ النَّاصِيَةِ تَجْرِيدٌ لِلِاسْتِعَارَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يُدْخِلُونَ الْمَعْقُولَ فِي جِنْسِ الْمَحْسُوسِ وَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَحْسُوسِ مُبَالَغَةً فِي اللُّزُومِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ وَجِيزِ لَفْظِهِ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْعُذُوبَةِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي الْحُسْنِ مَعَ الْجِنَاسِ السَّهْلِ الَّذِي بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْخَيْرِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>