[بَاب مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ»
ــ
بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ
١٣٩٠ - ١٣٧١ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يَبِعْ) بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ، وَفِي رِوَايَةٍ: " لَا يَبِيعُ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ مُرَادًا بِهِ النَّهْيُ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّهْيِ مِنَ النَّهْيِ الصَّرِيحِ (بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) عُدِّيَ بِعَلَى لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ، وَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بِالسَّوْمِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا: " «لَا يَسِمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ الْمُسْلِمِ» " وَذِكْرُ الْمُسْلِمِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ، بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا، فَذِكْرُ الْمُسْلِمِ أَوِ الْأَخِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: " «لَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» " لَا مَفْهُومَ لَهُ لِمَا ذُكِرَ، أَوْ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ.
قَالَ الْأُبِّيُّ: النِّكَاحُ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِقًا تَجُوزُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَذَا عِنْدِي فِي الصَّوْمِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ حَرَامًا جَازَ السَّوْمُ عَلَى سَوْمِهِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي النَّجْشِ أَنَّ السِّلْعَةَ إِذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا جَازَ السَّوْمُ عَلَى سَوْمِهِ، فَقِيلَ لَهُ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الثَّانِيَ فِي السَّوْمِ سَلَمٌ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ النَّجْشِ فَلَمْ يُقْبَلِ الْفَرْقُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَجَمَاعَةٌ مُخْتَصَرًا، وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بُرْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ: " «وَلَا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ» " قَالَ: وَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْفُوظَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ اهـ، وَأَصْلُهُ لَا تَتَلَقَّوْا، فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَالسِّلَعُ بِكَسْرِ السِّينِ جَمْعُ سِلْعَةٍ وَهِيَ الْمُبَاعُ، وَيُهْبَطُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ أَيْ يُنْزَلُ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ عَنْ مَالِكٍ بِهِ مُخْتَصَرًا، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ تَامًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute