[بَاب اشْتِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدِ فِيهَا]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»
ــ
٢٦ - بَابُ اشْتِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدِ فِيهَا
٦٢٤ - ٦٢٢ - (مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) الْعَدَوِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ الْمُخَضْرَمِ مَوْلَى عُمَرَ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةِ سَنَةٍ (أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ حَمَلْتُ) رَجُلًا (عَلَى فَرَسٍ) أَيْ: تَصَدَّقْتُ بِهِ وَوَهَبْتُهُ لَهُ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ (عَتِيقٍ) أَيْ: كَرِيمٍ سَابِقٍ، وَالْجَمْعُ عِتَاقٌ، وَالْعَتِيقُ الْفَائِقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَاسْمُ هَذَا الْفَرَسِ الْوَرْدُ أَهْدَاهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ عُمَرَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ، وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَأَعْطَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فُوِّضَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِيَارَ مَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَوِ اسْتَشَارَهُ فِي مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ الْعَطِيَّةُ لِكَوْنِهِ أَمَرَ بِهَا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الْجِهَادِ لَا الْوَقْفِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْمَوْقُوفِ إِذَا بَلَغَ غَايَةً لَا يُتَصَوَّرُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا وُقِفَ لَهُ (وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ) أَيِ: الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ (قَدْ أَضَاعَهُ) أَيْ: لَمْ يُحْسِنِ الْقِيَامَ عَلَيْهِ وَقَصَّرَ فِي مُؤْنَتِهِ وَخِدْمَتِهِ، وَقِيلَ: لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ فَأَرَادَ بَيْعَهُ بِدُونِ قِيمَتِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا جُعِلَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَيَدُلُّ لَهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: فَوَجَدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ؛ وَكَانَ قَلِيلَ الْمَالِ، فَأَشَارَ إِلَى عِلَّةِ ذَلِكَ وَإِلَى عُذْرِهِ فِي إِرَادَةِ بَيْعِهِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ لَمْ يُحْسِنِ الْقِيَامَ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَبْعُدُ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ إِلَّا لِعُذْرٍ، أَوْ صَيَّرَهُ ضَائِعًا مِنَ الْهُزَالِ لِفَرْطِ مُبَاشَرَةِ الْجِهَادِ وَالْإِتْعَابِ لَهُ فِيهِ.
(فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ، مَصْدَرُ رَخُصَ السِّعْرُ وَأَرْخَصَهُ اللَّهُ فَهُوَ رَخِيصٌ، (فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute