[بَاب مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ]
حَدَّثَنِي زِيَاد عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صُبْحِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ قَالَ مَنْ اعْتَكَفَ مَعِيَ فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صُبْحِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأُمْطِرَتْ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ»
ــ
٦ - بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا، أَيْ ذَاتُ الْقَدْرِ الْعَظِيمِ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا وَلِوَصْفِهَا بِأَنَّهَا {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] ، (سُورَةُ الْقَدْرِ: الْآيَةُ ٣) ، أَوْ لِتَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ فِيهَا أَوْ لِنُزُولِ الْبَرَكَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فِيهَا، أَوْ لِمَا يَحْصُلُ لِمَنْ أَحْيَاهَا بِالْعِبَادَةِ مِنَ الْقَدْرِ الْجَسِيمِ، وَقِيلَ: الْقَدْرُ هُنَا التَّضْيِيقُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] (سُورَةُ الطَّلَاقِ: الْآيَةُ ٧) ، وَمَعْنَى التَّضْيِيقِ إِخْفَاؤُهَا عَنِ الْعِلْمِ بِتَعْيِينِهَا أَوْ لِضِيقِ الْأَرْضِ فِيهَا عَنِ الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: الْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُوَاخِي لِلْقَضَاءِ، أَيْ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَامُ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] (سُورَةُ الدُّخَانِ: الْآيَةُ ٤) ، وَبِهِ صَدَّرَ النَّوَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِلْعُلَمَاءِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ التُّورِبِشَتِيُّ: إِنَّمَا جَاءَ الْقَدْرُ بِسُكُونِ الدَّالِ وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي الْقَدَرِ مُوَاخِي الْقَضَاءِ فَتْحَهَا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَفْصِيلُ مَا جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ وَإِظْهَارُهُ وَتَحْدِيدُهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِيَحْصُلَ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ فِيهَا مِقْدَارٌ بِمِقْدَارٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَدْرُ بِسُكُونِ الدَّالِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مَصْدَرُ قَدَّرَ اللَّهُ الشَّيْءَ قَدْرًا وَقَدَرًا كَالنَّهْرِ وَالنَّهَرِ.
٧٠١ - ٦٩٥ - (مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ) بِتَحْتِيَّةٍ قَبْلَ الزَّايِ (ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ) بِلَا يَاءٍ بَعْدَ الدَّالِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ الْمَدَنِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ) تَيْمِ قُرَيْشٍ الْمَدَنِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَوْفٍ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ (أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ» ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَالسِّينِ جَمْعُ " وُسْطَى "، وَيُرْوَى بِفَتْحِ السِّينِ مِثْلُ: كَبَرَ وَكَبُرَ، وَرَوَاهُ الْبَاجِيُّ بِإِسْكَانِهَا جَمْعُ " وَاسِطٍ " كَبَازِلٍ وَبُزْلٍ، قَالَهُ الْحَافِظُ.
وَتَعَقَّبَهُ السُّيُوطِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي مُنْتَقَى الْبَاجِيِّ وَقَعَ فِي كِتَابِي مُقَيَّدًا بِضَمِّ الْوَاوِ وَالسِّينِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَمْعُ " وَاسِطٍ "، قَالَ فِي الْعَيْنِ: وَاسِطُ الرَّحْلِ مَا بَيْنَ قَادِمَتِهِ وَآخِرَتِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسَطَ الْبُيُوتَ بَسَطَهَا إِذَا نَزَلَ وَسَطَهَا، وَاسْمُ الْفَاعِلِ وَاسِطٌ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِهِ وُسْطٌ كَبَازِلٍ وَبُزْلٌ.
وَأَمَّا الْوَسَطُ بِفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute