[بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَإِذَا جَاءُوهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنْ قَدْ اسْتَوَتْ كَبَّرَ
ــ
١٤ - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ
وَهُوَ اعْتِدَالُ الْقَامَةِ بِهَا عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ، وَيُرَادُ بِهَا أَيْضًا سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي فِي الصَّفِّ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ أَجْمَعُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلَا تَذَرُوا فُرُجِاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ.
٣٧٥ - ٣٧٥ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَإِذَا جَاءُوهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنْ قَدِ اسْتَوَتْ كَبَّرَ) قَالَ الْبَاجِيُّ: مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وَكُلُّ مَنْ يُسَوِّي النَّاسَ فِي الصُّفُوفِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ» ، وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا: " «مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» " حَتَّى تَوَعَّدَ عَلَيْهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ» " وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْوَعِيدَ الْمَذْكُورَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُشَوِّهُ الْوَجْهَ بِتَحْوِيلِ خُلُقِهِ عَنْ وَضْعِهِ بِجَعْلِهِ مَوْضِعَ الْقَفَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهُوَ نَظِيرُ الْوَعِيدِ لِمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، وَفِيهِ مِنَ اللَّطَائِفِ وُقُوعُ الْوَعِيدِ مِنْ جِنْسِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ الْمُخَالَفَةُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: " «لَتُسَوُّنَّ الصُّفُوفَ أَوْ لَتُطْمَسَنَّ الْوُجُوهُ» " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ أَوْ مُجَازٌ، وَمَعْنَاهُ يُوقِعُ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَاخْتِلَافَ الْقُلُوبِ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي ظَوَاهِرِهِمْ، وَاخْتِلَافُ الظَّوَاهِرِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ.
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: " «أَقْبَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثَلَاثًا وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ» " وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ يَفْتَرِقُونَ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ الَّذِي أَخَذَ صَاحِبَهُ، لِأَنَّ تَقَدُّمَ الشَّخْصِ عَلَى غَيْرِهِ مَظَنَّةُ الْكِبْرِ الْمُفْسِدِ لِلْقَلْبِ الدَّاعِي إِلَى الْقَطِيعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute