[بَاب صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالدَّهْرِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا قَالَ وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ
ــ
١٢ - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى وَالدَّهْرِ
٦٦٨ - ٦٦٦ - (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ الثَّقِيلَةِ (عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ» ) نَهْيَ تَحْرِيمٍ (يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى) فَصِيَامُهُمَا حَرَامٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ مُتَطَوِّعٍ وَنَاذِرٍ وَقَاضٍ فَرْضًا وَمُتَمَتِّعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَصُومُهُمَا مَنْ نَذَرَهُمَا لِحَدِيثِ: " «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» "، قَالَ الْمَازِرِيُّ: ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ أَحَدِ الْعِيدَيْنِ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْضِي وَإِنْ صَامَهُ أَجْزَأَهُ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ حَدِيثُ: " «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ» "، وَقَضَاؤُهُ لَيْسَ مِنْ لَفْظِ النَّاذِرِ فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِ.
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي: أَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْيَ هَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؟ قَالَ الْأَكْثَرُ لَا.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: نَعَمْ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ مُمْكِنٌ وَإِذَا أَمْكَنَ ثَبَتَتِ الصِّحَّةُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ الْمَذْكُورَ عَقْلِيٌّ وَالنِّزَاعُ فِي الشَّرْعِيِّ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ شَرْعًا، لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ شَرْعًا، وَمِنْ حُجَجِ الْمَانِعِينَ أَنَّ النَّفْلَ الْمُطْلَقَ إِذَا نُهِيَ عَنْ فِعْلِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ مَطْلُوبُ التَّرْكِ سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ، وَالنَّفْلَ مَطْلُوبُ الْفِعْلِ، فَلَا يَجْتَمِعُ الضِّدَّانِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ ذِي الْوَجْهَيْنِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ لِذَاتِ الصَّلَاةِ بَلْ لِلْإِقَامَةِ، وَطَلَبُ الْفِعْلِ لِذَاتِ الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فَالنَّهْيُ فِيهِ لِذَاتِ الصَّوْمِ فَافْتَرَقَا انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَأَعَادَهُ الْإِمَامُ فِي الْحَجِّ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ.
- (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ) أَيْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى فِعْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute