[بَاب الْعَمَلِ فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ أَوْ ضَلَّ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْهَدْيِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ مِنْ الْهَدْيِ فَانْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قِلَادَتَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا»
ــ
٤٧ - بَابُ الْعَمَلِ فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ، أَوْ ضَلَّ
٨٦٢ - ٨٥٢ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مُرْسَلٌ صُورَةً لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصْلِ؛ لِأَنَّ عُرْوَةَ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ نَاجِيَةَ - بِالنُّونِ وَالْجِيمِ - الصَّحَابِيِّ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَاجِيَةُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ خَمْسَتُهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ، وَكَذَا رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَرُوحُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: فِي الْإِصَابَةِ: وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَالِدَ نَاجِيَةَ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْخُزَاعِيُّ، وَبَعْضُهُمْ: الْأَسْلَمِيُّ، وَلَا يَبْعُدُ التَّعَدُّدُ، فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ الْبُدْنِ أَيْضًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيَّ عَيْنًا فِي فَتْحِ مَكَّةَ» "، وَقَدْ جَزَمَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيِّ، وَأَبُو صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ بِأَنَّ عُرْوَةَ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ الْأَسْلَمِيِّ، انْتَهَى.
لَكِنَّ جَزْمَهَا بِذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَكَذَا بَعَثَهُ عَيْنًا فِي الْفَتْحِ. وَكَوْنُ ذُؤَيْبٍ مَعَ الْبُدْنِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ السَّائِلُ، فَلَعَلَّ الصَّوَابَ، وَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ الْأَسْلَمِيُّ لَا سِيَّمَا، وَهُمْ حُفَّاظٌ ثِقَاتٌ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيُّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَطَائِفَةٌ رَوَتْ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَاجِيَةُ الْأَسْلَمِيُّ، وَطَائِفَةٌ رَوَتْ: أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ وَالِدَ قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ، وَرُبَّمَا بَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا مَعَهُ هَدْيًا، فَسَأَلَهُ كَمَا سَأَلَهُ نَاجِيَةُ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَسْلَمَ: أَنَّ نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ) - بِكَسْرِ الطَّاءِ - أَيْ هَلَكَ (مِنَ الْهَدْيِ) ؟ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ، وَالنِّهَايَةِ: وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالْعَطَبِ عَنْ آفَةٍ تَعْتَرِيهِ تَمْنَعُهُ عَنِ السَّيْرِ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ مِنَ الْهَدْيِ فَانْحَرْهَا» ) وُجُوبًا، (ثُمَّ أَلْقِ قِلَادَتَهَا فِي دَمِهَا) ، قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً أَمْرَهُ بِذَلِكَ، لِيَعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ، فَلَا يُسْتَبَاحُ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute