يَنْبَغِي، وَتَأَوَّلَهُ مَرَّةً عَلَى أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى لَا تُحْبَسَ قِلَادَتُهَا لِتُقَلَّدَ بِهَا غَيْرُهَا، (ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا) ، زَادَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ، وَلَا أَهْلَ رُفْقَتِكَ» "، قَالَ الْمَازِرِيُّ: قِيلَ: نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ حِمَايَةً أَنْ يَتَسَاهَلَ، فَيَنْحَرَهُ قَبْلَ أَوَانِهِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ أَمْكَنَ أَنْ يُبَادِرَ بِنَحْرِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ، وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الشَّرْعِ، وَحَمَلَهَا مَالِكٌ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ غَيْرُ مَالِكٍ، لِدِقَّةِ نَظَرِهِ، قَالَ عِيَاضٌ: فَمَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَلَا سَائِقُهُ، وَلَا رُفْقَتُهُ لِنَصِّ الْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْجُمْهُورُ، وَقَالُوا: لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ بَيَانٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَالْأَغْنِيَاءُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ، وَأَجَازَ الْجُمْهُورُ بَيْعَهُ، وَمَنَعَهُ مَالِكٌ، فَإِنْ بَلَّغَهُ مَحِلَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ جَزَاءٍ وَفِدْيَةٍ، وَنُذُرِ مَسَاكِينَ وَأَكْلٍ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute