[مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي السَّفَرِ]
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ يَرْفَعُهُ «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعُجْمَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ جَدْبَةً فَانْجُوا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا وَعَلَيْكُمْ بِسَيْرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لَا تُطْوَى بِالنَّهَارِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْحَيَّاتِ»
ــ
١٥ - بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْعَمَلِ فِي السَّفَرِ
١٨٣٤ - ١٧٨٧ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ - الْمُذْحَجِيِّ (مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ) بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ وَحَاجِبِهِ، قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَقِيلَ: حَيٌّ أَوْ حَيِيٌّ أَوْ حَوِيٌّ، ثِقَةٍ، مَاتَ بَعْدَ الْمِائَةِ (عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ) الْكَلَاعِيِّ الْحِمْصِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، ثِقَةٍ عَابِدٍ يُرْسِلُ كَثِيرًا، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: بَعْدَهَا (يَرْفَعُهُ) لَفْظُهُ: يَسْتَعْمِلُهَا الْمُحْدِّثُونَ بَدَّلَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ» ) ، أَيْ: لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يُرِيدُ بِهِمُ الْيُسْرَ، وَلَا يُرِيدُ بِهِمُ الْعُسْرَ، فَيُكَلِّفُهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، بَلْ يُسَامِحُهُمْ وَيَلْطُفُ بِهِمْ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الرَّفِيقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى اسْمًا؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ هُنَا عَلَى قَصْدِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ تَمْهِيدًا لِلْحُكْمِ الَّذِي بَعْدَهُ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَصَحُّ جَوَازُ تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى رَفِيقًا وَغَيْرَهُ مِمَّا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، (يُحِبُّ الرِّفْقَ) - بِالْكَسْرِ - لِينُ الْجَانِبِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَالْأَخْذُ بِأَيْسَرِ الْوُجُوهِ وَأَحْسَنِهَا، أَيْ: يُحِبُّ أَنْ يَرْفُقَ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُرِيدُ مَا يُحَاوِلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ: يُحِبُّ أَنْ يَرْفُقَ بِعِبَادِهِ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ، (وَيَرْضَى بِهِ) يُثَبِّتُ فَاعِلَهُ، (وَيُعِينُ عَلَيْهِ) بِتَسْهِيلِهِ عَلَى قَاصِدِهِ، (مَا لَا يُعِينُ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي (عَلَى الْعُنْفِ) » - بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَسُكُونِ النُّونِ -: الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ، نَبَّهَ بِهِ عَلَى وَطَاءَةِ الْأَخْلَاقِ، وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَكَمَالِ الْمُجَامَلَةِ، وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الرِّفْقَ أَنْجَحُ الْأَسْبَابِ وَأَنْفَعُهَا بِأَسْرَارِهَا، وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَلَا مَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» "، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَالْبَزَّارُ عَنْ أَنَسٍ: وَالرِّفْقُ مَطْلُوبٌ مَعَ الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَ.
( «فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعُجْمَ» ) - بِضَمٍّ فَسُكُونٍ - جَمْعُ عَجْمَاءَ، وَهِيَ الْبَهِيمَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ، ( «فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا» ) جَمْعُ مَنْزِلٍ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي اعْتِيدَ النُّزُولُ فِيهَا، أَيْ: أَرِيحُوهَا فِيهَا لِتَقْوَى عَلَى السَّيْرِ، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَاعْطُوهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute