[بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا»
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ لِتُسْمِعْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا
قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالْإِهْلَالِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ لِيُسْمِعْ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى فَإِنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا
قَالَ مَالِكٌ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَعَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْض
ــ
١٠ - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ
أَيِ التَّلْبِيَةِ، وَقَوْلُ عِيَاضٍ: هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ تُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ بِالْإِهْلَالِ مَعَ قَوْلِهِ رَفْعِ الصَّوْتِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَاسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ رَفَعَ صَوْتَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ فَقَدِ اسْتَهَلَّ وَبِهِ سُمِّيَ الْهِلَالُ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ لِأَنَّ الْعَرَبَ مَا كَانَتْ تَعْتَنِي بِالْأَهِلَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُؤَرِّخُ بِهَا، وَالْهِلَالُ يُسَمَّى بِذَلِكَ قَبْلَ الْعِنَايَةِ بِالتَّارِيخِ، وَبِأَنَّ جَعْلَ الْإِهْلَالِ مَأْخُوذًا مِنَ الْهِلَالِ أَوْلَى لِقَاعِدَةٍ تَصْرِيفِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ فِي اللَّفْظَيْنِ أَيُّهُمَا أُخِذَ مِنَ الْآخَرِ جُعِلَتِ الْأَلْفَاظُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِلَذَّاتٍ أَصْلًا لِلْأَلْفَاظِ الْمُتَنَاوِلَةِ لِلْمَعَانِي وَالْهِلَالُ ذَاتٌ فَهُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِهْلَالُ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِهِ فَهُوَ الْفَرْعُ انْتَهَى.
٧٤٤ - ٧٣٧ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ابْنِ حَزْمٍ) الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ (عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ مَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ هِشَامٍ (عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ) الْخَزْرَجِيِّ التَّابِعِيِّ الثِّقَةِ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ (عَنْ أَبِيهِ) السَّائِبِ بْنِ خَلَّادِ بْنِ سُوِيدٍ أَبِي سَهْلٍ الْمَدَنِيِّ لَهُ صُحْبَةٌ، وَعَمِلَ عَلَى الْيَمَنِ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، (أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي» ) عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرَ نَدْبٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَوُجُوبٍ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ، (أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي) بِالشَّكِّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الرَّاوِي إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمُصْطَفَى قَالَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسُدُّ مَسَدَّ الْآخَرِ، وَتَجْوِيزُ ابْنِ الْأَثِيرِ أَنَّ الشَّكَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ نَوْعُ سَهْوٍ وَلَا يُعْصَمُ عَنْهُ رَكِيكٌ مُتَعَسَّفٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ: وَمَنْ مَعِي بِالْوَاوِ، قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ زِيَادَةُ إِيضَاحٍ وَبَيَانٍ فَإِنَّ الَّذِينَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِأَصْحَابِهِ الْمُلَازِمِينَ لَهُ الْمُقِيمِينَ مَعَهُ فِي بَلَدِهِ وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَبِمَنْ مَعَهُ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَدِمَ لِيَحُجَّ مَعَهُ وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عَطَفَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ مُرَادَهُ الَّذِينَ صَحِبُوهُ وَعَرِفُوا بِهِ لِطُولِ الْمُلَازَمَةِ لَهُ دُونَ مَنْ رَافَقَهُ وَاتَّبَعَهُ فِي وَقْتٍ مَا فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيُفِيدَ أَنَّ مُرَادَهُ كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ مَا حَتَّى مَنْ لَمْ يَرَهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُكَلِّمْهُ فَعَطَفَهُمْ عَلَيْهِمْ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ تَعْلِيمِهِمْ، إِذْ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوِ الْهِجْرَةِ أَحَقُّ بِتَأْكِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute