التَّعْرِيفِ بِالسُّنَّةِ.
وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَمَظِنَّةُ الِاطِّلَاعِ عَلَى خَفَايَا الشَّرِيعَةِ وَدَقَائِقِهَا، (أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ) إِظْهَارًا لِشِعَارِ الْإِحْرَامِ وَتَعْلِيمًا لِلْجَاهِلِ مَا يُسْتَحَبُّ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ، (أَوْ بِالْإِهْلَالِ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ كَمَا مَرَّ فَالتَّصْرِيحُ بِالرَّفْعِ مَعَهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ، (يُرِيدُ أَحَدَهُمَا) يَعْنِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، لَكِنَّ الرَّاوِيَ شَكَّ فِيمَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَتَى بَأَوِ الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ ثُمَّ زَادَ ذَلِكَ بَيَانًا بِقَوْلِهِ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا.
وَفِي النَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِالتَّلْبِيَةِ.
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْهُ بِالْإِهْلَالِ.
وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا: " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْمُرَ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ» "، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: " كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَلَبَّى حَتَّى أَسْمَعَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ "، وَلَهُ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ حَتَّى تُبَحَّ أَصْوَاتُهُمْ "، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، كَمَا أَفَادَهُ الْمِزِّيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِنَحْوِهِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَإِنِ اخْتُلِفَ عَلَى التَّابِعِيِّ فِي صَحَابِيِّهِ، فَقِيلَ: أَبُوهُ كَمَا هُنَا، وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، وَقِيلَ: عَنْ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ خَلَّادٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَأَرْجُو أَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ أَصَحُّ انْتَهَى.
وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَا يَضُرُّ.
أَمَّا فِي الصَّحَابِيِّ فَلَا مَانِعَ أَنَّ خَلَّادًا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ زَيْدٍ، كَمَا أَنَّ أَبَاهُ قَدْ يَكُونُ سَمِعَهُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ مِنَ الْمُصْطَفَى فَحَدَّثَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، أَوْ كَانَ السَّائِبُ يُرْسِلُهُ تَارَةً، وَأَمَّا رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ خَلَّادٍ الرَّجُلَانِ وَلِهَذَا لَمْ يَلْتَفِتِ التِّرْمِذِيُّ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِ إِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَصَحَّحُوهُ كَمَا مَرَّ.
(مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ) لِأَنَّهُ يُخْشَى مِنْ صَوْتِهَا الْفِتْنَةُ (لِتُسْمِعَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا) فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ مَعِي فَلَيْسَ لَهُنَّ ذَلِكَ، (قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْفَعُ الْمَحْرِمُ صَوْتَهُ بِإِهْلَالٍ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ) لِئَلَّا يَخْلِطَ عَلَيْهِمْ (لِيُسْمِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute