للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[باب القدر] [النَّهْيِ عَنْ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ]

كتاب القدر

باب النَّهْيِ عَنْ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى قَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ»

ــ

٤٦ - كِتَابُ الْقَدَرِ

١ - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ

بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُسَكَّنُ، قَالَ الرَّاغِبُ: هُوَ التَّقْدِيرُ وَالْقَضَاءُ هُوَ التَّفْصِيلُ وَالْقَطْعُ، فَالْقَضَاءُ أَخَصُّ مِنَ الْقَدَرِ لِأَنَّهُ الْفَصْلُ بَيْنَ التَّقْدِيرِ فَالْقَدَرُ كَالْأَسَاسِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَدَرَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَدِّ لِلْكَيْلِ، وَالْقَضَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْكَيْلِ.

قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: قَدَّرَ اللَّهُ الْأَشْيَاءَ، أَيْ: عَلِمَ مَقَادِيرَهَا وَأَحْوَالَهَا وَأَزْمَانَهَا قَبْلَ إِيجَادِهَا ثُمَّ أَوْجَدَ مِنْهَا مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ، فَلَا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ صَادِرٌ عَنْ عِلْمِهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ دُونَ خَلْقِهِ، وَإِنَّ خَلْقَهُ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا إِلَّا نَوْعُ اكْتِسَابٍ وَمُحَاوَلَةٌ وَنِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ، وَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُمْ بِتَيْسِيرِ اللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ وَإِلْهَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا خَالِقَ غَيْرُهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَالْعَقْلِ، فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءً وَلَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ ; لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى اخْتُصَّ بِهِ الْخَبِيرُ الْعَلِيمُ وَضَرَبَ دُونَهُ الْأَسْتَارَ، وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ، فَلَمْ يَعْلَمْهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَقِيلَ: الْقَدَرُ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا.

١٦٦٠ - ١٦١٢ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ (عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَحَاجَّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْجِيمِ أَصْلُهُ تَحَاجَجَ بِجِيمَيْنِ أُدْغِمَتْ أُولَاهُمَا فِي الْأُخْرَى (آدَمُ وَمُوسَى) أَيْ: ذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّتَهُ، قَالَ الْقَابِسِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْتَقَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ أَوَّلَ مَا مَاتَ مُوسَى فَتَحَاجَّا.

قَالَ عِيَاضٌ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُمَا فَاجْتَمَعَا فَتَحَاجَّا بِأَشْخَاصِهِمَا كَمَا جَاءَ فِي الْإِسْرَاءِ، وَقِيلَ: كَانَ هَذَا فِي حَيَاةِ مُوسَى وَأَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُرِيَهُ آدَمَ فَأَجَابَهُ.

ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي ذَلِكَ أَثَرًا أَنَّ مُوسَى

<<  <  ج: ص:  >  >>