[باب الْاعْتِصَارِ فِي الصَّدَقَةِ]
قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِصَدَقَةٍ قَبَضَهَا الِابْنُ أَوْ كَانَ فِي حَجْرِ أَبِيهِ فَأَشْهَدَ لَهُ عَلَى صَدَقَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ وَسَمِعْت مَالِك يَقُولُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ نَحَلَ وَلَدَهُ نُحْلًا أَوْ أَعْطَاهُ عَطَاءً لَيْسَ بِصَدَقَةٍ إِنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْتَحْدِثْ الْوَلَدُ دَيْنًا يُدَايِنُهُ النَّاسُ بِهِ وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْعَطَاءِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ فَلَيْسَ لِأَبِيهِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ الدُّيُونُ أَوْ يُعْطِي الرَّجُلُ ابْنَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَتَنْكِحُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَإِنَّمَا تَنْكِحُهُ لِغِنَاهُ وَلِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ فَيُرِيدُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ الْأَبُ أَوْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قَدْ نَحَلَهَا أَبُوهَا النُّحْلَ إِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا وَيَرْفَعُ فِي صِدَاقِهَا لِغِنَاهَا وَمَالِهَا وَمَا أَعْطَاهَا أَبُوهَا ثُمَّ يَقُولُ الْأَبُ أَنَا أَعْتَصِرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ابْنِهِ وَلَا مِنْ ابْنَتِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ
ــ
٣٦ - بَابُ الِاعْتِصَارِ فِي الصَّدَقَةِ
- (مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِصَدَقَةٍ قَبَضَهَا الِابْنُ) الْكَبِيرُ الرَّشِيدُ (أَوْ كَانَ فِي حِجْرِ أَبِيهِ) لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَأَشْهَدَ) الْأَبُ (لَهُ عَلَى صَدَقَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ) أَنْ يَرْتَجِعَ (شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ) وَلَوْ عَلَى وَلَدِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْعَائِدُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ". وَقَوْلِهِ: " «لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ» ". رَوَاهُمَا الْإِمَامُ فِي الزَّكَاةِ. (وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ نَحَلَ وَلَدَهُ نُحْلًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (أَوْ أَعْطَاهُ عَطَاءً لَيْسَ بِصَدَقَةٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ) أَيْ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: " «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدَ» ". (مَا لَمْ يَسْتَحْدِثْ) أَيْ يُحْدِثِ (الْوَلَدُ دَيْنًا يُدَايِنُهُ النَّاسُ بِهِ وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْعَطَاءِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ، وَلَيْسَ لِأَبِيهِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ الدُّيُونُ) لِأَنَّهُ وَرَّطَهُ بِالْهِبَةِ حَتَّى أَدَانَ (أَوْ يُعْطِي الرَّجُلُ ابْنَهُ) الذَّكَرَ (أَوِ ابْنَتَهُ) الْأُنْثَى (فَتَنْكِحُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ، وَإِنَّمَا تَنْكِحُهُ لِغِنَاهُ وَلِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ، أَيْ لِغِنَاهُ (بِالْمَالِ، فَيُرِيدُ الْأَبُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ، أَوْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قَدْ نَحَلَهَا أَبُوهَا النُّحْلَ إِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا وَيَرْفَعُ) يَزِيدُ (فِي صَدَاقِهَا لِغِنَاهَا وَمَالِهَا وَمَا أَعْطَاهَا أَبُوهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute