[مَا جَاءَ فِي الْمُهَاجَرَةِ]
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ»
ــ
٤ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُهَاجَرَةِ
١٦٨٢ - ١٦٣٢ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ) بِتَحْتِيَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا زَايٌ (اللِّيثِيِّ) الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ الشَّامِ الثِّقَةِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَقَدْ جَازَ الثَّمَانِينَ.
(عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) خَالِدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ (الْأَنْصَارِيِّ) الْبَدْرِيِّ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ مَاتَ غَازِيًا بِالرُّومِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ: بَعْدَهَا.
( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ» ) كَذَا لِيَحْيَى وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَهْجُرَ (أَخَاهُ) فِي الْإِسْلَامِ ( «فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ» ) بِأَيَّامِهَا وَظَاهِرُهُ إِبَاحَةُ ذَلِكَ الثَّلَاثَ لِأَنَّ الْبَشَرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَضَبٍ وَسُوءِ خُلُقٍ فَسُومِحَ تِلْكَ الْمُدَّةَ، قَالَهُ عِيَاضٌ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْغَضَبِ وَسُوءِ الْخُلُقِ يَزُولُ مِنَ الْمُؤْمِنِ أَوْ يَقِلُّ بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ السُّكُوتُ عَنْ حُكْمٍ الثَّلَاثِ لِتَطَلُّبٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا وَرَاءَهَا وَهَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ، وَفِي قَوْلِهِ أَخَاهُ إِشْعَارٌ بِالْعَلِيَّةِ ( «يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا» ) عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ (وَيُعْرِضُ هَذَا) الْآخَرُ كَذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَصْلُهُ أَنْ يُولِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ عَرْضَهُ، أَيْ: جَانِبَهُ، انْتَهَى.
وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا» " وَهُمَا بِمَعْنًى، وَيُعْرِضُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ بَيَانٌ لِصِفَةِ الْهَجْرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ يَهْجُرُ وَمَفْعُولِهِ مَعًا.
(وَخَيْرُهُمَا) أَيْ: أَفْضَلُهُمَا وَأَكْثَرُهُمَا ثَوَابًا (الَّذِي يَبْدَأُ) أَخَاهُ (بِالسَّلَامِ) لِأَنَّهُ فَعَلَ حَسَنَةً وَتَسَبَّبَ إِلَى فِعْلِ حَسَنَةٍ وَهِيَ الْجَوَابُ، مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ حُسْنِ طَوِيَّتِهِ وَتَرْكِ مَا كَرِهَهُ الشَّرْعُ مِنَ الْهَجْرِ وَالْجَفَاءِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَا يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ لَيْسَ بِخَيْرٍ، وَعَلَى أَنَّ الْأُولَى حَالٌ فَهَذِهِ الثَّانِيَةُ عَطْفٌ عَلَى " لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute