يَحِلُّ ".
وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ بِالسَّلَامِ: " «يَسْبِقُ إِلَى الْجَنَّةِ» ".
وَلِأَبِي دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَإِنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلَاثٌ فَلَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّ فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالْإِثْمِ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْهِجْرَةِ» " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرَفِيقِهِ حَيْثُ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِهَجْرِهِمْ، قَالَ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ مِنْ مُكَالَمَةِ أَحَدٍ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ أَوْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فِي دُنْيَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مُجَانَبَتُهُ وَبُعْدُهُ، وَرُبَّ هَجْرٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَاطَبَةٍ مُؤْذِيَةٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِهِجْرَانِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُسُوقِ وَمُنَابِذِي السُّنَّةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ هِجْرَانُهُمْ دَائِمًا، وَالنَّهْيُ عَنِ الْهِجْرَانِ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ هَجَرَ لِحَظِّ نَفْسِهِ وَمَعَايِشِ الدُّنْيَا، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَنَحْوُهُمْ فَهِجْرَانُهُمْ دَائِمٌ انْتَهَى.
وَمَا زَالَتِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ يَهْجُرُونَ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ أَوْ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ كَلَامِهِ مَفْسَدَةٌ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ خَيْرٌ مِنَ الْمُجِيبِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ ابْتَدَأَ بِتَرْكِ مَا كَرِهَهُ الشَّرْعُ مِنَ التَّقَاطُعِ لَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ الْبَاجِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا: وَفِيهِ أَنَّ السَّلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْهِجْرَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرِينَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَبْرَأُ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا بِعَوْدِهِ إِلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَوَّلًا.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسُفْيَانُ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَائِلًا بِإِسْنَادِ مَالِكٍ وَمِثْلِ حَدِيثِهِ إِلَّا قَوْلَهُ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا قَالُوا: فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute