[كِتَاب الْجِهَادِ] [بَاب التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْجِهَادِ بَاب التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ حَتَّى يَرْجِعَ»
ــ
٢١ - كِتَابُ الْجِهَادِ
بِكَسْرِ الْجِيمِ أَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ، يُقَالُ: جَهِدْتُ جِهَادًا بَلَغْتُ الْمَشَقَّةَ، وَشَرْعًا: بَذْلُ الْجُهْدِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ.
وَيُطْلَقُ عَلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ بِتَعَلُّمِ أُمُورِ الدِّينِ ثُمَّ الْعَمَلِ بِهَا ثُمَّ عَلَى تَعْلِيمِهَا، وَعَلَى مُجَاهَدَةِ الشَّيْطَانِ بِدَفْعِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَمَا يُزَيِّنُهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ، وَعَلَى مُجَاهَدَةِ الْفُسَّاقِ بِالْيَدِ ثُمَّ اللِّسَانِ ثُمَّ الْقَلْبِ.
وَأَمَّا مُجَاهَدَةُ الْكُفَّارِ فَبِالْيَدِ وَالْمَالِ وَاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، وَشُرِعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا.
وَلِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: هَلْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ؟ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ عَلَى كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِنَصْرِ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: كَانَ عَيْنًا عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ مُبَايَعَتُهُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى أَنْ يُؤْوُهُ وَيَنْصُرُوهُ، فَتَخَرَّجَ مِنْ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ كَانَ عَيْنًا عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ كِفَايَةً فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي حَقِّ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى التَّعْمِيمِ، بَلْ فِي حَقِّ الْأَنْصَارِ إِذَا طَرَقَ الْمَدِينَةَ طَارِقٌ، وَفِي حَقِّ الْمُهَاجِرِينَ إِذَا أُرِيدَ قِتَالُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ ابْتِدَاءً، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ وَقَدْ كَانَ عَيْنًا فِي الْغَزْوَةِ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى مَنْ عَيَّنَهُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَأَنْ يَدْهَمَ الْعَدُوُّ، وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، وَتَتَأَدَّى الْكِفَايَةُ بِفِعْلِهِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ بَدَلٌ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً اتِّفَاقًا فَبَدَلُهَا كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجِبُ كُلَّمَا أَمْكَنَ وَهُوَ قَوِيٌّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ جِهَادَ الْكُفَّارِ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِمَّا بِيَدِهِ وَإِمَّا بِلِسَانِهِ وَإِمَّا بِمَالِهِ وَإِمَّا بِقَلْبِهِ.
١ - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
٩٧٣ - ٩٥٧ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) - بِكَسْرِ الزَّايِ وَخِفَّةِ النُّونِ - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ (عَنِ الْأَعْرَجِ)