للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب السلام] [الْعَمَلِ فِي السَّلَامِ]

كِتَابُ السَّلَامِ

بَابُ الْعَمَلِ فِي السَّلَامِ

حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ الْقَوْمِ وَاحِدٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ»

ــ

٥٣ - كِتَابُ السَّلَامِ

١ - بَابُ الْعَمَلِ فِي السَّلَامِ

١٧٨٨ - ١٧٤٢ - (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) مُرْسَلٌ بِاتِّفَاقِ الرُّوَاةِ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يُسَلِّمُ) ، أَيْ لِيُسَلِّمْ (الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي) ، أَيْ يَبْدَؤُهُ بِالسَّلَامِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرَ بِرُكُوبِهِ، فَيَرْجِعَ إِلَى التَّوَاضُعِ، قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ مَزِيَّةً عَلَى الْمَاشِي فَعُوِّضَ أَنْ يَبْدَأَهُ الرَّاكِبُ احْتِفَاظًا عَلَيْهِ مِنَ الزَّهْوِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لِأَنَّ وَضْعَ السَّلَامِ إِنَّمَا هُوَ لِحِكْمَةِ إِزَالَةِ الْخَوْفِ مِنَ الْمُلْتَقِيَيْنِ، إِذَا الْتَقَيَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ لِمَعْنَى التَّوَاضُعِ الْمُنَاسِبِ لِحَالِ الْمُؤْمِنِ، أَوْ لِلتَّعْظِيمِ ; لِأَنَّ السَّلَامَ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا اكْتِسَابُ وُدٍّ، أَوِ اسْتِدْفَاعُ مَكْرُوهٍ، وَهَذَا مَوْصُولٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا بِزِيَادَةِ: " وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ ".

(وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الْقَوْمِ) الرَّاكِبِينَ، أَوِ الْمَاشِينَ، أَوِ الْقَلِيلِينَ، أَوِ الصِّغَارِ (وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (أَجْزَأَ عَنْهُمْ) فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَصْلٌ لِلْإِجْمَاعِ، عَلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ إِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ، كَفَى.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْمُرَادُ بِالسَّلَامِ هُنَا الرَّدُّ ; لِأَنَّ الرَّادَّ مُسْلِمٌ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ: أَجَزَأَ فِيمَا وَاجِبٌ، وَالِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ، وَالرَّدُّ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا فِيهِمَا، فَبَطَلَ تَأْوِيلُ الطَّحَاوِيِّ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ ابْتَدَأَ السَّلَامَ نُصْرَةً لِمَذْهَبِهِ أَنَّ رَدَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: " «يُجْزِئُ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرَّتْ أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْقُعُودِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ» "، فَسَوَّى بَيْنَ الِابْتِدَاءِ، وَالرَّدِّ أَنَّهُمَا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ لَا مُعَارِضَ لَهُ.

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الرَّدَّ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَشَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، والتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَالْجِهَادِ، وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، وَمَعْنَى إِجْزَائِهِ فِي الِابْتِدَاءِ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ لِلْإِجْمَاعِ، عَلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهِ سُنَّةٌ، انْتَهَى، مُلَخَّصًا.

وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَا فَهِمَهُ الطَّحَاوِيُّ، لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>