[التَّشْمِيتِ فِي الْعُطَاسِ]
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ إِنَّكَ مَضْنُوكٌ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ
ــ
٢ - بَابُ التَّشْمِيتِ فِي الْعُطَاسِ
١٧٩٩ - ١٧٥٢ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (عَنْ أَبِيهِ) أَبِي بَكْرٍ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ وَاحِدٌ مُرْسَلًا، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنْ عَطَسَ) ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَمُضَارِعُهُ بِكَسْرِهَا، وَالِاسْمُ الْعُطَاسُ - بِضَمِّ الْعَيْنِ - (فَشَمِّتْهُ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُهْمَلَةٍ لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْكَ الشَّمَاتَةَ، وَجَنَّبَكَ مَا يُشْمَتُ بِهِ عَلَيْكَ، وَبِالْمُهْمَلَةِ جَعَلَكَ اللَّهُ عَلَى سَمْتٍ حَسَنٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِمُعْجَمَةٍ، مِنَ الشَّوَامِتِ وَهِيَ الْقَوَائِمُ، هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.
وَرُوِيَ بِمُهْمَلَةٍ مِنَ السَّمْتِ، وَهُوَ قَصْدُ الشَّيْءِ، وَصَفَتِهِ، أَيْ: ادْعُ اللَّهَ لَهُ بِأَنْ يَرُدَّ شَوَامِتَهُ، أَيْ: قَوَائِمَهُ، أَوْ سَمْتَهُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ يَحُلُّ مَرَابِطَ الْبَدَنِ، وَيَفْصِلُ مَعَاقِدَهُ، فَمَعْنَى رَحِمَكَ اللَّهُ: أَعْطَاكَ رَحْمَةً تَرْجِعُ بِهَا إِلَى حَالِكَ الْأُولَى، وَيَرْجِعُ بِهَا كُلُّ عُضْوٍ إِلَى سَمْتِهِ.
(ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ) ، إِذَا حَمِدَ، (ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ: إِنَّكَ مَضْنُوكٌ) - بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ - أَيْ: مَزْكُومٌ، وَالضُّنَاكُ بِالضَّمِّ: الزُّكَامُ يُقَالُ: أَضَنَكَهُ اللَّهُ وَأَزْكَمَهُ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَالْقِيَاسُ مُضْنَكٌ وَمُزْكَمٌ، لَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى ضَنُكَ وَزَكَمَ.
(قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ) وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَأَبِي يَعْلَى، وَابْنِ السُّنِّيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيُشَمِّتْهُ جَلِيسُهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ، فَهُوَ مَزْكُومٌ، وَلَا يُشَمَّتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ» "، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْعَافِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّكْمَةَ عِلَّةٌ، وَإِشَارَةٌ إِلَى الْحَثِّ عَلَى تَدَارُكِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَلَا يُهْمِلُهَا فَيَعْظُمُ أَمْرُهَا، وَكَلَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُ حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ: " «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَشَمِّتُوهُ، وَإِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute