[بَاب جَامِعِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النِّكَاحِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ» وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ
ــ
١١ - بَابُ جَامِعِ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ
١١٣٤ - ١١١٣ - « (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى) تَحْرِيمًا (عَنِ الشِّغَارِ) » هَكَذَا لِجُلِّ الرُّوَاةِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ بِمُعْجَمَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ فَأَلِفٌ فَرَاءٌ مَصْدَرُ شَاغَرَ يُشَاغِرُ شِغَارًا وَمُشَاغَرَةً.
وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» (وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ) أَوْ أُخْتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ آخَرُ ابْنَتَهُ) أَوْ وَلِيَّتَهُ (لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ) بَلْ يَضَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْأُخْرَى، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْبَلَدُ عَنِ السُّلْطَانِ إِذَا خَلَا عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنِ الصَّدَاقِ أَوْ لِخُلُوِّهِ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِطِ.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مِنْ قَوْلِهِمْ شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَأَنَّ كُلًّا مِنَ الْوَلِيَّيْنِ يَقُولُ لِلْآخَرِ: لَا تَرْفَعُ رِجْلَ ابْنَتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ ابْنَتِكَ، وَفِي التَّشْبِيهِ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ الْقَبِيحَةِ تَقْبِيحٌ لِلشِّغَارِ وَتَغْلِيظٌ عَلَى فَاعِلِهِ، وَأَكْثَرُ رُوَاةِ مَالِكٍ لَمْ يَنْسُبُوا هَذَا التَّفْسِيرَ لِأَحَدٍ، وَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا أَدْرِي أَهُو مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ ابْنِ عُمَرَ أَوْ نَافِعٍ أَوْ مَالِكٍ؟ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَصَلَهُ بِالْمَتْنِ الْمَرْفُوعِ، بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَمُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: قَوْلُهُ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ مَرْفُوعًا اتِّفَاقًا وَبَاقِيهِ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي. انْتَهَى. وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ: فَفِي مُسْلِمٍ هُنَا وَالْبُخَارِيِّ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ قَالَ: فَذَكَرَهُ، وَلِذَا قَالَ الْحَافِظُ: الَّذِي تَحَرَّرَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ.
قَالَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: كَانَ الشِّغَارُ مِنْ نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ شَاغِرْنِي وَلِيَّتِي بِوَلِيَّتِكَ أَيْ عَاوِضْنِي جِمَاعًا بِجِمَاعٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبِنْتِ مِنَ الْإِمَاءِ وَالْأَخَوَاتِ وَغَيْرِهِنَّ حُكْمُ الْبِنْتِ، وَتَعَقَّبَهُ الْأُبِّيُّ بِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ اخْتِصَاصُهُ بِذَوَاتِ الْجَبْرِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِنَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تُزَوَّجُ عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ فَيَمْضِي بِالدُّخُولِ، قَالَ: وَلَا حُجَّةَ فِيمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الشِّغَارِ» " زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: وَلِلشِّغَارِ أَنْ يَقُولَ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجَكَ ابْنَتِي وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجَكَ أُخْتِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَلَا خِلَافَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ ابْتِدَاءً؛ فَإِنْ وَقَعَ أَمْضَاهُ الْكُوفِيُّونَ وَالزَّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ إِذَا صُحِّحَ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَأَبْطَلَهُ