مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْبُطْلَانِ فَقِيلَ: لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْفَرْجَيْنِ مَعْقُودٌ بِهِ وَعَلَيْهِ، وَقِيلَ: لِخُلُوِّهِ مِنَ الصَّدَاقِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فَسَادُهُ فِي عَقْدِهِ فَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَعَلَى الثَّانِي فَسَادُهُ فِي صَدَاقِهِ فَيَمْضِي بِالْبِنَاءِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ غَيْرُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي النَّهْيِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ؟ أَوْ لِلْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُمَا أَدْرَى بِمَا سَمِعَا لِأَنَّهُمَا عَرَبِيَّانِ عَالِمَانِ بِمَوَاقِعِ الْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ إِذَا كَانَ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ فَإِنَّهُ عَجَمِيٌّ تَعَرَّبَ، وَلِذَا اخْتَلَفَ نَظَرُ الْعُلَمَاءِ، وَلَيْسَ الْبُطْلَانُ لِتَرْكِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِدُونِ تَسْمِيَتِهِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ يُشْعِرُ بِأَنَّ جِهَةَ الْفَسَادِ تَرْكُ ذِكْرِ الصَّدَاقِ. انْتَهَى. أَيْ مَعَ جَعْلِ بُضْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلْأُخْرَى وَهَذَا صَرِيحُ الشِّغَارِ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُفْسَخُ وَإِنْ طَالَ وَوَلَدَتِ الْأَوْلَادَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بِطَلَاقٍ.
وَأَمَّا وَجْهُ الشِّغَارِ وَهُوَ أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلٍّ صَدَاقًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ كُلًّا مِنْهُمَا الْآخَرُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا وَهُوَ أَنْ يُسَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقًا وَالْأُخْرَى بِلَا صَدَاقٍ فَالْمُسَمَّى لَهَا حُكْمُ وَجْهِهِ وَالْأُخْرَى كَصَرِيحِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجُ وَأَيُّوبُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، الثَّلَاثَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَابَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute