[كِتَاب الطَّهَارَةِ] [بَاب الْعَمَلِ فِي الْوُضُوءِ]
ِ بَاب الْعَمَلِ فِي الْوُضُوءِ
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ نَعَمْ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ»
ــ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢ - كِتَابُ الطَّهَارَةِ.
١ - بَابُ الْعَمَلِ فِي الْوُضُوءِ
بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَالْفَتْحِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا، وَحُكِيَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْأَمْرَانِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَضَاءَةِ الْحُسْنِ وَالنَّظَافَةِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَتَنَظَّفُ بِهِ فَيَصِيرُ وَضِيئًا، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: التَّقْدِيمُ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: الْأَمْرُ عَلَى عُمُومِهِ بِلَا تَقْدِيرِ حَذْفٍ إِلَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ عَلَى الْإِيجَابِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى النَّدْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ عَلَى الْإِيجَابِ ثُمَّ صَارَ مَنْدُوبًا، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ: " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ» " وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدَةَ: " «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ كُلَّ صَلَاةٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَالَ: عَمْدًا فَعَلْتُهُ» " أَيْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَتَمَسَّكَ بِالْآيَةِ مَنْ قَالَ: أَوَّلُ مَا فُرِضَ الْوُضُوءُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اتِّفَاقَ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ فُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ بِمَكَّةَ كَمَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ وَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ إِلَّا بِوُضُوءٍ، قَالَ: وَهَذَا لَا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: أَهْلُ السُّنَّةِ بِهِمْ حَاجَةٌ إِلَى دَلِيلِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْمَائِدَةِ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ تَعَاهَدُوا لِيَقْتُلُوكَ فَقَالَ: " ائْتُونِي بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ» " الْحَدِيثَ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَهُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْجَهْمِ الْمَالِكِيُّ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَنْدُوبًا، وَجَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فِي مُغَازِيهِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ: " أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُضُوءَ عِنْدَ نُزُولِهِ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ " وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَوَصَلَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ زَيْدًا وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute