[بَاب صَلَاةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا» قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ وَإِنْ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَلْيُقِمْ حَتَّى تَحِلَّ الصَّلَاةُ ثُمَّ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِهِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ
ــ
٦٩ - بَابُ صَلَاةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ
٩٢٣ - ٩٠٧ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَاخَ) بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ، أَيْ بَرَّكَ رَاحِلَتَهُ (بِالْبَطْحَاءِ) بِالْمَدِّ، حِينَ صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ (الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ) احْتِرَازًا عَنِ الْبَطْحَاءِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى (فَصَلَّى بِهَا) وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَمَاكِنُ نُزُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُتَأَسَّى بِهِ فِيهَا، إِذْ لَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ عَنْ حِكْمَةٍ، وَأَيْضًا لِطَلَبِ فَضْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ» " (قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) تَأَسِّيًا بِالْمُصْطَفَى، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ شَدِيدَ التَّأَسِّي بِهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنِيخُ بِهِ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ، وَبِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ خَفِيفَةً: مَوْضِعُ النُّزُولِ (إِذَا قَفَلَ) بِقَافٍ فَفَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ، رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ (حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ) تَأَسِّيًا (وَإِنَّ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَلْيُقِمْ) بِهِ (حَتَّى تَحِلَّ الصَّلَاةُ، ثُمَّ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ) يَعْنِي أَيَّ شَيْءٍ تَيَسَّرَ لَهُ (لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّسَ بِهِ) بِشَدِّ الرَّاءِ: نَزَلَ بِهِ لِيَسْتَرِيحَ، وَصَلَّى بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: التَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَخَصَّهُ غَيْرُهُ بِنُزُولِهِ آخِرَ اللَّيْلِ.
(وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ) : بَرَّكَ رَاحِلَتَهُ تَأَسِّيًا، وَقِيلَ مُرَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنُّزُولِ بِذِيِ الْحُلَيْفَةِ فِي رُجُوعِهِ وَالْمُقَامِ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ؛ لِئَلَّا يَفْجَأَ النَّاسُ أَهَالِيهِمْ كَمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، حَتَّى يَبْلُغَهُمُ الْخَبَرُ فَتَمْتَشِطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute