للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب حُسْنِ الْخُلُقِ] [مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ]

كتاب حُسْنِ الْخُلُقِ

باب مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ

ــ

٤٧ - كِتَابُ حُسْنِ الْخُلُقِ

١ - بَابُ مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

بِضَمَّتَيْنِ وَتُسَكَّنُ اللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ.

وَفِي النِّهَايَةِ: الْخُلُقُ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهَا الدِّينُ وَالطَّبْعُ وَالسَّجِيَّةُ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ لِصُورَةِ الْإِنْسَانِ الْبَاطِنَةِ وَهِيَ نَفْسُهُ، وَأَوْصَافُهَا وَمَعَانِيهَا الْمُخْتَصَّةُ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْخُلُقِ لِصُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ وَأَوْصَافِهَا وَمَعَانِيهَا، وَلَهَا أَوْصَافٌ حَسَنَةٌ وَقَبِيحَةٌ، وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّقَانِ بِأَوْصَافِ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفِي أَنَّهُ غَرِيزَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ» " الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ مُكْتَسِبُ خِلَافٍ.

وَفِي حَدِيثِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمَ وَالْأَنَاةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَوْ حَدِيثًا؟ قَالَ: قَدِيمًا، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلَّتَيْنِ مِمَّا يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، فَتَرْدِيدُ السُّؤَالِ وَتَقْرِيرُهُ بِقَوْلِهِ قَدِيمًا يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي الْخُلُقِ مَا هُوَ جِبِلِّيٌّ وَمَا هُوَ مُكْتَسَبٌ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لَا ثَالِثَ.

١٦٧١ - ١٦٢٠ - (مَالِكٌ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) كَذَا لِيَحْيَى وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذٍ وَهُوَ مَعَ هَذَا مُنْقَطِعٌ جِدًّا، وَلَا يُوجَدُ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَلَا غَيْرِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، لَكِنْ وَرَدَ مَعْنَاهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

( «قَالَ: آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ( «حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ» ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَزَايٍ مَنْقُوطَةٍ فِي مَوْضِعِ الرِّكَابِ مِنْ رِجْلِ الْبَعِيرِ كَالرِّكَابِ لِلسَّرْجِ ( «أَنْ قَالَ: أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ» ) فَهُوَ مُنَادَى بِحَذْفِ الْأَدَاةِ؛ بِأَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ لِمُجَالِسِهِ أَوِ الْوِرَادِ عَلَيْهِ الْبِشْرُ وَالْحِلْمُ وَالْإِشْفَاقُ وَالصَّبْرُ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالتَّوَدُّدِ إِلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالنَّاسِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ عَامًّا لَكِنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ تَحْسِينَ الْخُلُقِ لَهُمْ، فَأَمَّا أَهْلُ الْكُفْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>