للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ بِحَسَبِ عِلْمِهِ تَعَالَى الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف: ٣٢] [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: الْآيَةُ ٣٢] فَلَا يُعَارِضُهُ مَا وَرَدَ: «الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ وَالْكَذِبُ يُنْقِصُ الرِّزْقَ» ، «وَأَنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ، أَوْ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُهُ وَيُنْقِصُهُ هُوَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ أَوِ الْبَرَكَةُ، لَا أَصْلُ الرِّزْقِ.

وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: " «إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا» " ( «فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» ) بِأَنْ تَطْلُبُوهُ بِالطُّرُقِ الْجَمِيلَةِ الْمُحَلَّلَةِ بِلَا كَدٍّ وَلَا حِرْصٍ وَلَا تَهَافُتٍ عَلَى الْحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ أَوْ غَيْرَ مُنْكَبِّينَ عَلَيْهِ مُشْتَغِلِينَ عَنِ الْخَالِقِ الرَّازِقِ بِهِ، أَوْ بِأَنْ لَا تُعَيِّنُوا وَقْتًا وَلَا قَدْرًا لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ عَلَى اللَّهِ، أَوِ اطْلُبُوا مَا فِيهِ رِضَا اللَّهِ، لَا حُظُوظَ الدُّنْيَا أَوْ لَا تَسْتَعْجِلُوا الْإِجَابَةَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: " «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ» " زَادَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: " «وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ» " وَلِلْبَيْهَقِيِّ وَالْعَسْكَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: " «إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجْلُهُ» " وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: " «لَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ يَمُوتُ حَتَّى يَبْلُغَهُ آخِرُ الرِّزْقِ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» " وَفِيهِ: " «أَنَّ الطَّلَبَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ» " وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَاهُ عَنْ عُمَرَ رَفَعَهُ: " «لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» " فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَبِ لَا الْقُعُودِ، أَرَادَ لَوْ تَوَكَّلُوا فِي ذَهَابِهِمْ وَمَجِيئِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَعَلِمُوا أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ وَمِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَنْصَرِفُوا إِلَّا سَالِمِينَ غَانِمِينَ كَالطَّيْرِ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ وَهَذَا خِلَافُ التَّوَكُّلِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا فِي الْقَائِلِ أَجْلِسُ لَا أَعْمَلُ شَيْئًا حَتَّى يَأْتِيَنِي رِزْقِي: هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ الْعِلْمَ أَمَا سَمِعَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي» " وَقَوْلَهُ: " «تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» " وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَّجِرُونَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَيَعْمَلُونَ فِي نَخِيلِهِمْ وَبِهِمُ الْقُدْوَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>