للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ مِنْهُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَرْوُونَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وَجَمَعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِجَوَازِ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» " فَأَشَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، فَيَجْتَمِعُ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ لِأَنَّهَا كُلَّهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى.

وَيُمْكِنُ عَوْدُ الْإِشَارَةِ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كِتَابَتَهُ إِلَى الْمُغِيرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ شَكَّ فَسَأَلَ الْمُغِيرَةَ فَأَجَابَهُ فَزَالَ بِذَلِكَ شَكُّهُ فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ سَمَاعِهِ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هَكَذَا ظَهَرَ لِي، ثُمَّ رَأَيْتُ فَتْحَ الْبَارِي قَالَ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِثْبَاتَ الْمُغِيرَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الْمُوَّطَأِ هَذَا انْتَهَى. وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِزَعْمٍ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ جَزْمِهِ بِذَلِكَ.

(مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ) قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ ; لِأَنَّ مَالِكًا أَدْخَلَهُ فِي كِتَابِهِ الْمُعْتَقَدِ صِحَّتُهُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْلُقَ (كَمَا يَنْبَغِي) أَيْ: أَحْسَنُهُ وَأَتَى بِهِ عَلَى أَفْضَلِ مَا يَكُونُ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ (الَّذِي لَا يَعْجَلُ شَيْءٌ أَنَاهُ وَقَدَّرَهُ) أَيْ: لَا يَسْبِقُ وَقْتَهُ الَّذِي وَقَّتَهُ لَهُ (حَسْبِيَ اللَّهُ) كَافِيَّ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ (وَكَفَى) بِهِ كَافٍ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا) أَيْ: أَجَابَ دُعَاءَهُ (لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مَرْمَى) أَيْ: غَايَةٍ يُرْمَى إِلَيْهَا، أَيْ: تُقْصَدُ بِدُعَاءٍ أَوْ أَمَلٍ أَوْ رَجَاءٍ تَشْبِيهًا بِغَايَةِ السِّهَامِ.

(مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ يُقَالُ) ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ كَانَ يُقَالُ؛ لَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَكَذَا كَانَ مَالِكٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ جَاءَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَغَيْرِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «إِنَّ أَحَدًا لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ» ) الَّذِي كَتَبَ لَهُ الْمَلَكُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَلَا وَجْهَ لِلْوَلَدِ وَالْكَدِّ وَالتَّعَبِ وَالْحِرْصِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَسَمَ الرِّزْقَ وَقَدَّرُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ إِرَادَتِهِ، لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>