[بَاب صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ «أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَ»
ــ
٤٣ - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ
٨٤١ - ٨٣١ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ) سَالِمِ بْنِ أُمَيَّةَ (مَوْلَى عُمَرَ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ - (ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِتَصْغِيرِ عَبْدٍ، (عَنْ عُمَيْرٍ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَفَتْحِ الْمِيمِ - مُصَغَّرٌ، عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيِّ الْمَدَنِيِّ (مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ، وَلَا مُنَافَاةَ فَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَالْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أُمِّهِ، وَلِمُلَازَمَتِهِ لَهُ، وَأَخْذُهُ عَنْهُ ثِقَةٌ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ، (عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ) لُبَابَةَ - بِضَمِّ اللَّامِ، وَخِفَّةِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ - (بِنْتِ الْحَارِثِ) الْهِلَالِيَّةِ أُمِّ بَنِي الْعَبَّاسِ السِّتَّةِ النُّجَبَاءِ كُنِّيَتْ كَأَبِيهِمْ بِاسْمِ أَكْبَرِهِمْ: (أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا) ، أَيِ اخْتَلَفُوا كَمَا فِي رِوَايَةٍ: (عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ) ، وَهُمْ بِهَا (فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِعَرَفَةَ، (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ) عَلَى عَادَتِهِ فِي صِيَامِ عَرَفَةَ، (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ) ، لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ، مُعْتَادًا لَهُمْ فِي الْحَضَرِ، فَمَنْ قَالَ صَائِمٌ أَخَذَ بِمَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ، وَمَنْ نَفَاهُ أَخَذَ بِأَنَّهُ مُسَافِرٌ، (فَأَرْسَلْتُ) - بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ بِلَفْظِ الْمُتَكَلِّمِ (إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ) ، وَلَمْ يُسَمِّ الرَّسُولُ بِذَلِكَ، نَعَمْ فِي النَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الرَّسُولُ بِذَلِكَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّهَا أَرْسَلَتْ، فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ بِأَنْ يَكُونَ الْأُخْتَانِ أَرْسَلَتَا مَعًا، أَوْ أَرْسَلَتَا قَدَحًا وَاحِدًا، وَنُسِبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَيْمُونَةَ أَرْسَلَتْ بِسُؤَالِ أُمِّ الْفَضْلِ لَهَا ذَلِكَ، لِكَشْفِ الْحَالِ أَوْ عَكْسِهِ، وَفِيهِ التَّحْلِيلُ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ سُؤَالِ وَفِطْنَةِ الْمُرْسِلَةِ لِاسْتِكْشَافِهَا عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِهَذِهِ الْوَسِيلَةِ اللَّطِيفَةِ اللَّائِقَةِ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ بَعْدَ الظَّهِيرَةِ، (وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُصُولِ الصَّحِيحَةِ، خِلَافَ مَا فِي نُسَخٍ سَقِيمَةٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ، وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى، لَكِنَّ الْمَدَارَ عَلَى الرِّوَايَةِ، (فَشَرِبَ) زَادَ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ: وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِعَرَفَةَ، أَيْ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُفْطِرٌ؛ لِأَنَّ الْعِيَانَ أَقْوَى مِنَ الْخَبَرِ، فَفِطْرُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ وَلِلتَّقَوِّي عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute