رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» ) كَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ، وَلِابْنِ يَحْيَى بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ: وَالْمَرْوَةُ، وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِلَفْظِ بَيْنَ الْمُفِيدَةِ؛ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَذَا لِيَحْيَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ: إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى، وَلَا أَعْلَمُ لِرِوَايَةِ يَحْيَى وَجْهًا إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا رَوَاهُ النَّاسُ، لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فَنَزَلَ بَيْنَهُمَا، وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ مِنَ الصَّفَا، وَالصَّفَا جَبَلٌ لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ، (مَشَى) الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ (حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ) ، قَالَ عِيَاضٌ: مَجَازٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: صَبَّ الْمَاءَ وَانْصَبَّ، أَيِ انْحَدَرَتْ، وَمِنْهُ إِذَا مَشَى كَأَنَّهُ يَنْحَطُّ فِي صَبَبٍ، أَيْ مَوَاضِعِ مُنْحَدَرٍ (فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى) ، أَيْ مَشَى بِقُوَّةٍ، أَيْ أَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: رَمَلَ (حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ) ، أَيْ بَطْنِ الْوَادِي، فَيَمْشِي عَلَى الْعَادَةِ بَاقِيَ السَّعْيِ، فَيُسَنُّ الْإِسْرَاعُ بِبَطْنِ الْوَادِي، وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: أَخْبَرَتْنِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُنَّ «رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ، وَيَقُولُ: اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» ، فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ فِيهِ ضَعْفٌ، لَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ مُخْتَصَرَةٌ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَالْأَوَّلِ، وَإِذَا انْضَمَّتْ إِلَى الْأُولَى قَوِيَتْ.
(قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ جَهِلَ فَبَدَأَ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ; قَالَ: لِيَرْجِعَ) وُجُوبًا، (فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لِيَسْعَ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: (ثُمَّ يَسْعَى) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، (وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ) ، أَيِ اسْتَمَرَّ جَهْلُهُ (حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ، وَيَسْتَبْعِدَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ) وَبَعْدَهُ (يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا كُلَّ فِعْلٍ (وَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ) الَّتِي فَسَدَتْ لِوُجُوبِ إِتْمَامِ الْمُفْسَدِ، (ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى) قَضَاءً، (وَالْهَدْيُ) فِي الْقَضَاءِ جَبْرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute