[كِتَابُ الْقُرْآنِ] [بَاب الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لِمَنْ مَسَّ الْقُرْآنَ]
بَاب الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لِمَنْ مَسَّ الْقُرْآنَ
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ «أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحْمِلُ أَحَدٌ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَحُمِلَ فِي خَبِيئَتِهِ وَلَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ لِأَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْ الَّذِي يَحْمِلُهُ شَيْءٌ يُدَنِّسُ بِهِ الْمُصْحَفَ وَلَكِنْ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْمِلُهُ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ إِكْرَامًا لِلْقُرْآنِ وَتَعْظِيمًا لَهُ قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فِي عَبَسَ وَتَوَلَّى قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١١]
ــ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١٥ - كِتَابُ الْقُرْآنِ
١ - بَابُ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لِمَنْ مَسَّ الْقُرْآنَ
٤٦٨ - ٤٧٠ - (مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو (بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ الْأَنْصَارِيِّ، شَهِدَ الْخَنْدَقَ فَمَا بَعْدَهَا وَكَانَ عَامِلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى نَجْرَانَ، مَاتَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ، وَقِيلَ: فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَهُوَ وَهْمٌ: (أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ) أَيْ مُتَوَضِّئٌ، قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا أَصْلٌ فِي كِتَابَةِ الْعِلْمِ وَتَحْصِينِهِ فِي الْكُتُبِ، وَصِحَّةِ الرِّوَايَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُنَاوَلَةِ ; لِأَنَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَالِحٍ، وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ، عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً يُسْتَغْنَى بِهَا فِي شُهْرَتِهَا عَنِ الْإِسْنَادِ ; لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ فِي مَجِيئِهِ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِمْ تَلَقِّي مَا لَا يَصِحُّ، انْتَهَى.
وَتَابَعَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ فِيهِ أَحْكَامٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَوْصُولًا بِزِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الزَّكَاةِ وَالدِّيَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَقَصَ عَمَّا ذَكَرْنَا
(قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَحْمِلُ أَحَدٌ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ: حَمَالَتِهِ الَّتِي يُحْمَلُ بِهَا، (وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ) ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute