للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَاب مَا جَاءَ فِي الطِّيبِ فِي الْحَجِّ]

حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ»

ــ

٧ - بَابُ مَا جَاءَ فِي الطِّيبِ فِي الْحَجِّ

٧٢٧ - ٧٢١ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصِّدِّيقِ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ) عَمَّتِهِ (عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» ) ، وَلِلتِّنِّيسِيِّ: حِينَ يُحْرِمُ، وَمَعْنَاهَا كَمَا هُنَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِحْرَامِ هُنَا فِعْلُ الْإِحْرَامِ لِمَنْعِ التَّطَيُّبِ فِي الْإِحْرَامِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إِرَادَةُ الْإِحْرَامِ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيِّ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَالْمُرَادُ تَطْيِيبُ بَدَنِهِ لَا ثِيَابِهِ لِحَدِيثِ: " «كُنْتُ أَجِدُ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ» "، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَطْيِبُ الثِّيَابِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِحْرَامِ اتِّفَاقًا، وَشَذَّ الْقَائِلُ بِاسْتِحْبَابِهِ.

(وَلِحِلِّهِ) بَعْدَ أَنْ يَرْمِيَ (قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ) طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَفِيهِ أَنَّ كَانَ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ لِأَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُدَّعَى تَكْرَارُهُ إِنَّمَا هُوَ التَّطَيُّبُ لَا الْإِحْرَامُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ تَكَرُّرِ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ كَوْنِ الْإِحْرَامِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَمَرَّ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الرَّازِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقْتَضِيهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: تَقْتَضِيهِ ظُهُورًا وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِهِ لَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ كَانَ الْمُبَالَغَةُ فِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ تُكَرِّرُ فِعْلَ التَّطْيِيبِ لَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْإِحْرَامِ لِمَا عَلِمَتْهُ مِنْ حُبِّهِ لَهُ، عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ " كُنْتُ " لَمْ تَتَّفِقِ الرُّوَاةُ عَلَيْهَا فَرَوَاهَا مَالِكٌ وَتَابَعَهُ مَنْصُورٌ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَفْظِ " كُنْتُ ".

وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَفْظِ " طَيَّبْتُ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَذَا سَائِرُ الطُّرُقِ لَيْسَ فِيهَا " كُنْتُ ".

وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِحْرَامِ، وَجَوَازُ اسْتِدَامَتِهِ بَعْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِهِ وَرَائِحَتِهِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْإِحْرَامِ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالْجُمْهُورُ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَالزُّهْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: يَحْرُمُ التَّطَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِطِيبٍ يَبْقَى لَهُ رَائِحَةٌ بَعْدَهُ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ طِيبٌ لَا يَبْقَى لَهُ رِيحٌ، أَوْ أَنَّهُ أَذْهَبَهُ غُسْلُ الْإِحْرَامِ، وَيُعَضِّدُ الثَّانِي رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: " «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا» "، فَقَدْ ظَهَرَتْ عِلَّةُ تَطْيِيبِهِ أَنَّهَا كَانَتْ لِمُبَاشَرَةِ نِسَائِهِ، وَأَنَّ غُسْلَهُ بَعْدَهُ لِجِمَاعِهِنَّ وَغُسْلَهُ لِلْإِحْرَامِ أَذْهَبَهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَهَّرُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>