للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظِلُّ عَرْشِي بَدَلٌ مِنَ الْيَوْمِ الْمُتَقَدِّمِ، أَيْ لَا يَكُونُ مَنْ لَهُ ظِلٌّ مَجَازًا كَمَا فِي الدُّنْيَا.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَإِنْ قِيلَ حَدِيثُ: " «الْمَرْءُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ» "، وَحَدِيثُ: " «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ» "، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي الْقِيَامَةِ ظِلَالًا غَيْرَ ظِلِّ الْعَرْشِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهَا ظِلَالًا بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ تَقِي أَصْحَابَهَا حَرَّ الشَّمْسِ وَالنَّارِ وَأَنْفَاسِ الْخَلَائِقِ، وَلَكِنْ ظِلُّ الْعَرْشِ أَعْظَمُهَا وَأَشْرَفُهَا يَخُصُّ اللَّهُ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَمِنْ جُمْلَتِهِمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا ظِلُّ الْعَرْشِ يَسْتَظِلُّ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ أَجْمَعُ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الظِّلَالُ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْأَعْمَالِ، وَكَانَتِ الْأَعْمَالُ تَخْتَلِفُ، حَصَلَ لِكُلِّ عَامِلٍ ظِلٌّ يَخُصُّهُ مِنْ ظِلِّ الْعَرْشِ بِحَسَبِ عَمَلِهِ، وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ شُرَكَاءُ فِي ظِلِّهِ، وَهَذَا كُلُّه عَلَى أَنَّ الِاسْتِظْلَالَ حَقِيقِيٌّ، وَتَقَدَّمَ مَا لِابْنِ دِينَارٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْبِرِّ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>