الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْفَرَائِضِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» " وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مَانِعَ مِنْ إِبْقَاءِ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ، فَتَكُونُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ تُضَاعَفُ عَلَى صَلَاتِهَا فِي الْبَيْتِ بِغَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي الْمَسْجِدَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلَ مُطْلَقًا، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ مَسْجِدَهُ آخِرُ الْمَسَاجِدِ» ".
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَشُكَّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَنَعْنَا ذَلِكَ أَنْ نَسْتَثْبِتَهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ تَذَاكَرْنَا وَتَلَاوَمْنَا أَنْ لَا نَكُونَ كَلَّمْنَاهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى نُسْنِدَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ جَالَسْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ وَالَّذِي فَرَّطْنَا فِيهِ، فَقَالَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَإِنِّي آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ مَسْجِدِي آخِرُ الْمَسَاجِدِ» " قَالَ عِيَاضٌ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي تَفْضِيلِ مَسْجِدِهِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لِأَنَّ رَبْطَ الْكَلَامِ بِفَاءِ التَّعْلِيلِ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَسْجِدَهُ إِنَّمَا فُضِّلَ عَلَى الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا، وَمَنْسُوبٌ إِلَى نَبِيٍّ مُتَأَخِّرٍ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ، فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ وَاضِحٌ، انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute