عَبْدِ الْبَرِّ: كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى، وَأَظُنُّهُ وَهْمًا، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ: " لَأَنْ أَقْرَأَهُ فِي عِشْرِينَ أَوْ نِصْفِ شَهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ ". وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ (وَسَلْنِي لَمْ ذَاكَ؟ قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ، قَالَ زَيْدٌ: لِكَيْ أَتَدَبَّرَهُ وَأَقِفَ عَلَيْهِ) وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: ٢٩] (سُورَةُ ص: الْآيَةُ ٢٩) ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: ٤] (سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ: الْآيَةُ ٤) ، وَقَالَ تَعَالَى: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: ١٠٦] (سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: الْآيَةُ ١٠٦) ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمْ يَفْقَهْهُ» ". وَقَالَ: " «لَا يُخْتَمُ الْقُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» ". وَقَالَ حَمْزَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ إِنِّي أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ، قَالَ: " لَأَنْ أَقْرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ أَتَدَبَّرُهَا وَأُرَتِّلُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حَدْرًا كَمَا تَقُولُ، وَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاقْرَأْ مَا تَسْمَعُهُ أُذُنُكَ وَيَفْهَمُهُ قَلْبُكَ ".
وَسُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ رَجُلَيْنِ قَرَأَ أَحَدُهُمَا الْبَقَرَةَ وَقَرَأَ الْآخَرُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ رُكُوعُهُمَا وَسُجُودُهُمَا وَجُلُوسُهُمَا سَوَاءً، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الَّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: ١٠٦] (سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: الْآيَةُ ١٠٦) قَالَ الْبَاجِيُّ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَفْضِيلِ التَّرْتِيلِ، وَكَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَوْصُوفَةً بِذَلِكَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: " كَانَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا "، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ: مِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا حَدَرَ كَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ، وَإِذَا رَتَّلَ أَخْطَأَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْحَدْرَ، وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَخِفُّ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُلَازَمَةُ مَا يُوَافِقُ طَبْعَهُ وَيَخِفُّ عَلَيْهِ، فَرُبَّمَا تَكَلَّفَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَقْطَعُهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ أَوِ الْإِكْثَارِ مِنْهَا فَلَا يُخَالِفُ أَنَّ الْأَفْضَلَ التَّرْتِيلُ لِمَنْ تَسَاوَى فِي حَالِهِ الْأَمْرَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute