الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ، أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي التَّقْرِيبِ، وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَهَذَا غَلَطٌ، وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَا فِي سِنِّهِ وَلَا فِي رِوَايَتِهِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ، يَعْنِي سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، انْتَهَى. (أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) وَهَذَا لَا يُؤْخَذُ بِالرَّأْيِ بَلْ بِالتَّوْقِيفِ، وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ: (وَأَنَّ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا) أَيْ كَثْرَةُ قِرَاءَتِهَا تَدْفَعُ غَضَبَ الرَّبِّ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، فَقَامَتْ مَقَامَ الْمُجَادَلَةِ عَنْهُ، كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، فَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ خَاصَمَتْ عَنْ صَاحِبِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] » ) "، وَأَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: " «إِنَّ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ» : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] (سُورَةُ الْمُلْكِ: الْآيَةُ ١) ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْرَأْ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] فَإِنَّهَا الْمُنْجِيَةُ وَالْمُجَادِلَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّهَا لِقَارِئِهَا وَتَطْلُبُ لَهُ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَيَنْجُو بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي» ". وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ إِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةً تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا فِي الْقَبْرِ تَكُونُ ثَلَاثِينَ آيَةً، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهَا تَبَارَكَ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: فَعُرِفَ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّهَا تُجَادِلُ عَنْهُ فِي الْقَبْرِ وَفِي الْقِيَامَةِ لِتَدْفَعَ عَنْهُ الْعَذَابَ وَتُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute