للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوِ الْإِخْبَارَ عَنْ جَوَازِ وُقُوعِهَا، فَإِنْ أُرِيدَ الْوُجُوبُ فَهُوَ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: تَعْجِيلُ مَا سَأَلَهُ، أَوْ يُكَفَّرُ عَنْهُ بِهِ، أَوْ يُدَّخَرُ لَهُ، فَإِذَا قَالَ دَعَوْتُ. . . إِلَخْ، بَطَلَ وُجُوبُ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَعُرِّيَ الدُّعَاءُ عَنْ جَمِيعِهَا، وَإِنْ أُرِيدَ الْجَوَازُ فَيَكُونُ الْإِجَابَةُ بِفِعْلِ مَا دَعَا بِهِ، وَمَنْعِهِ قَوْلَهُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ ; لِأَنَّهُ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ وَالتَّسَخُّطِ. وَفِي مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ» "، قِيلَ: وَمَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَابُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ". وَيَسْتَحْسِرُ بِمُهْمَلَاتٍ اسْتِفْعَالٌ مِنْ حَسَرَ، إِذَا أَعْيَا وَتَعِبَ، وَتَكْرَارُ دَعَوْتُ لِلِاسْتِمْرَارِ أَيْ دَعَوْتُ مِرَارًا كَثِيرَةً. قَالَ الْمُظَهَّرِيُّ: مَنْ لَهُ مَلَالَةٌ مِنَ الدُّعَاءِ لَا يُقْبَلُ دُعَاؤُهُ ; لِأَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ حَصَلَتِ الْإِجَابَةُ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَمَلَّ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَتَأْخِيرُ الْإِجَابَةِ إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ وَقْتُهَا، وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ فِي الْأَزَلِ قَبُولُ دُعَائِهِ فِي الدُّنْيَا لِيُعْطَى عِوَضَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُؤَخَّرَ الْقَبُولُ لِيُلِحَّ وَيُبَالِغَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِسْلَامِ وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ، وَمَنْ يُكْثِرُ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ، وَمَنْ يُكْثِرُ الدُّعَاءَ يُوشِكُ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>