مَنْقُوطَةٍ، الْخُزَاعِيِّ أَبِي الْمُطَرِّفِ الْمَدَنِيِّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ، قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَوَهِمَ مَنْ ظَنَّهُ أَحَدَ الْعَشَرَةِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ، وَلَا أَحْفَظُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَدْ جَاءَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَمْرٍو، وَالْفَضَائِلُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ هُوَ وَحَدِيثَ ابْنِ عَمْرٍو الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَفْضَلُ الدُّعَاءِ» ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ( «دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ أَعْظَمُهُ ثَوَابًا وَأَقْرَبُهُ إِجَابَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْيَوْمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْحَاجَّ خَاصَّةً ( «وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي» ) وَلَفْظُ حَدِيثِ عَلِيٍّ: أَكْثَرُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ ( «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) » زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ". وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ بِيَدِهِ الْخَيْرُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَفِيهِ بِيَدِهِ الْخَيْرُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ أَنَّ الثَّنَاءَ دُعَاءٌ، وَفِي الْمَرْفُوعِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» ". وَفِيهِ تَفْضِيلُ الدُّعَاءِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَالْأَيَّامِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ ; لِأَنَّهَا كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ وَالتَّقْوَى.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَفْضَلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ; لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الشُّكْرِ، وَفِيهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ مَا فِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَافْتَتَحَ اللَّهُ كَلَامَهُ بِهِ وَخَتَمَ بِهِ، وَهُوَ آخِرُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَرَوَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ بِمَا قَالَتْ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً، وَسَاقَ جُمْلَةً مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ، وَوَقَعَ فِي تَجْرِيدِ الصِّحَاحِ لِرَزِينِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْأَنْدَلُسِيِّ زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهِيَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ. . . إِلَخْ. وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ فَقَالَ: حَدِيثٌ لَا أَعْرِفُ حَالَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ صَحَابِيَّهُ وَلَا مَنْ خَرَّجَهُ، بَلْ أَدْرَجَهُ فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ هَذَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُوَطَّآتِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ احْتُمِلَ أَنْ يُرَادَ بِالسَّبْعِينَ التَّحْدِيدُ أَوِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْكَثْرَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْهُمَا ثَبَتَتِ الْمَزِيَّةُ، انْتَهَى.
وَفِي الْهَدْيِ لِابْنِ الْقَيِّمِ مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامِّ أَنَّ وَقْفَةَ الْجُمُعَةِ تَعْدِلُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجَّةً، فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute