ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتْقِنٌ، رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ شُعْبَةَ فِيهِ، وَرَوَى لَهُ الْجَمِيعُ، مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ (عَنْ طَاوُسٍ) ابْنِ كَيْسَانَ (الْيَمَانِيِّ) الْحَضْرَمِيِّ، مَوْلَاهُمُ الْفَارِسِيِّ، يُقَالُ اسْمُهُ ذَكْوَانَ وَطَاوُسٌ لَقَبٌ، ثِقَةٌ، فَقِيهٌ، فَاضِلٌ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ بَعْدَهَا (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ» ) تَشْبِيهٌ فِي تَحْفِيظِ حُرُوفِهِ وَتَرْتِيبِ كَلِمَاتِهِ وَمَنْعِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ مِنْهُ وَالدَّرْسِ لَهُ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ (يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ» ) أَيْ عُقُوبَتِهَا، وَالْإِضَافَةُ مَجَازِيَّةٌ، أَوْ مِنْ إِضَافَةِ الْمَظْرُوفِ إِلَى ظَرْفِهِ ( «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ) الْعَذَابُ اسْمٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالْمَصْدَرُ التَّعْذِيبُ، فَهُوَ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ مَجَازًا، أَوِ الْإِضَافَةُ مِنْ إِضَافَةِ الْمَظْرُوفِ إِلَى ظَرْفِهِ عَلَى تَقْدِيرِ فِي، أَيْ مِنْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ.
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ) امْتِحَانِ وَاخْتِبَارِ (الْمَسِيحِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَخِفَّةِ السِّينِّ الْمَكْسُورَةِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَصَحَّفَ مَنْ أَعْجَمَهَا، يُطْلَقُ عَلَى الدَّجَّالِ وَعَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَكِنْ إِذَا أُرِيدَ الْأَوَّلُ قُيِّدَ كَمَا قَالَ (الدَّجَّالِ) وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْمَسِيحُ مُثَقَّلٌ الدَّجَّالُ وَمُخَفَّفٌ عِيسَى وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
وَنَقَلَ الْمُسْتَمْلِي عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنْ خَلَفِ بْنِ عَامِرٍ الْهَمْدَانِيِّ أَحَدِ الْحُفَّاظِ: الْمَسِيحُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدٌ يُقَالُ لِلدَّجَّالِ وَلِعِيسَى لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، بِمَعْنَى لَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ أَوْ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْنَ فِيهِ وَلَا حَاجِبَ أَوْ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ إِذَا خَرَجَ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَنْ خَفَّفَهُ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْضَ، وَمَنْ شَدَّدَ فَلِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ. وَأَمَّا عِيسَى فَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ، أَوْ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ، أَوْ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ بِسِيَاحَتِهِ، أَوْ لِأَنَّ رِجْلَهُ لَا أَخْمَصَ لَهَا، أَوْ لِلَبْسِهِ الْمُسُوحَ، وَقِيلَ هُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَاسِحٌ فَعُرِّبَ الْمَسِيحُ، وَقِيلَ: الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ.
( «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا» ) هِيَ مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنْ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ، وَأَعْظَمُهَا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَ) فِتْنَةِ (الْمَمَاتِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: هِيَ فِتْنَةُ الْقَبْرِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ إِذَا احْتُضِرَ، وَيَحْتَمِلُ فِي الْقَبْرِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَجُوزُ أَنَّهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ، وَفِتْنَةُ الْمَحْيَا مَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنَّهَا فِتْنَةُ الْقَبْرِ، وَقَدْ صَحَّ: إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute