وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا
ــ
٥٠٥ - ٥١٠ - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ) مِمَّا صَحَّ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَرِيرٍ وَغَيْرِهِمَا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى) أَيْ إِلَى مَا يُهْتَدَى بِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَنُكِّرَ لِيَشِيعَ فَيَتَنَاوَلَ الْحَقِيرَ كَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ (إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ) سَوَاءٌ ابْتَدَعَهُ أَوْ سَبَقَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ اتِّبَاعَهُمْ لَهُ تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ (لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ إِلَى مَصْدَرِ كَانَ (مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّ أَجْرَ الدَّاعِي إِنَّمَا يَكُونُ بِتَنْقِيصِ أَجْرِ التَّابِعِ وَضَمِّهِ إِلَى أَجْرِ الدَّاعِي، فَكَمَا يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عَلَى مَا يُبَاشِرُهُ يَتَرَتَّبُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا هُوَ سَبَبُ فِعْلِهِ كَالْإِرْشَادِ إِلَيْهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْهُدَى إِمَّا الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْبُغْيَةِ أَوْ مُطْلَقُ الْإِرْشَادِ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُهْتَدَى بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ بِحَسَبِ التَّنْكِيرِ مُطْلَقٌ شَائِعٌ فِي جِنْسِ مَا يُقَالُ لَهُ هُدًى، يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ، فَأَعْظَمُهُ هُدًى مَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا، وَأَدْنَاهُ هُدًى مَنْ دَعَا إِلَى إِمَاطَةِ الْأَذَى، وَلِذَا عَظُمَ شَأْنُ الْفَقِيهِ الدَّاعِي الْمُنْذِرِ حَتَّى فَضُلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَلْفِ عَابِدٍ، وَلِأَنَّ نَفْعَهُ يَعُمُّ الْأَشْخَاصَ وَالْأَعْصَارَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
(وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ) ابْتَدَعَهَا أَوْ سَبَقَ بِهَا (إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ) أَيْ مَنِ اتَّبَعَهُ لِتَوَلُّدِهِ عَنْ فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ خِصَالِ الشَّيْطَانِ، وَالْعَبْدُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ عَلَى السَّبَبِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ كَمَا يُعَاقَبُ السَّكْرَانُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute