للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِي قَوْلِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ تَابِعِيٌّ، قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الصُّنَابِحِيَّ لَا وُجُودَ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ رَوَى عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ يُشْبِهُ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ مَدَنِيٌّ، وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَالطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٍ شَاذَّةٌ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مَالِكٌ بَلْ تَابَعَهُ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، فَذَكَرَهُ، وَكَذَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ ابْنِ مَنْدَهْ قَالَ: وَكَذَا تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ الْأَرْبَعَةُ عَنْ زَيْدٍ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَارِثِ وَابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغِ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ بِهِ مُصَرَّحًا فِيهِ بِالسَّمَاعِ. وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ حَدِيثًا آخَرَ فِي الْوِتْرِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، فَوُرُودُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ هَذَيْنِ عَنْ شَيْخِ مَالِكٍ بِمِثْلِ رِوَايَتِهِ، وَمُتَابَعَةُ الْأَرْبَعَةِ لَهُ وَتَصْرِيحُ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا بِالسَّمَاعِ يَدْفَعُ الْجَزْمَ بِوَهْمِ مَالِكٍ فِيهِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَفِيهِ إِفَادَةُ أَنَّ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بِتَصْرِيحِهِ بِالسَّمَاعِ فَلَيْسَ بِخَطَأٍ كَمَا زَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ» ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِيلَ مَعْنَاهُ مُقَارَنَةُ الشَّيْطَانِ لَهَا عِنْدَ دُنُوِّهَا لِلطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا) وَمَا بَعْدَهُ فَنُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ، وَقِيلَ مَعْنَى قَرْنِهِ قُوَّتُهُ مِنْ قَوْلِكَ: أَنَا مُقْرِنٌ لِهَذَا الْأَمْرِ أَيْ مُطِيقٌ لَهُ قَوِيٌّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَقْوَى أَمْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ ; لِأَنَّهُ يُسَوِّلُ لِعَبَدَةِ الشَّمْسِ أَنْ يَسْجُدُوا لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَقِيلَ قَرْنُهُ حِزْبُهُ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ، وَقِيلَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يُقَابِلُهَا عِنْدَ طُلُوعِهَا وَيَنْتَصِبُ دُونَهَا حَتَّى يَكُونَ طُلُوعُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهُمَا جَانِبَا رَأْسِهِ فَيَنْقَلِبُ سُجُودُ الْكُفَّارِ لِلشَّمْسِ عِبَادَةً لَهُ (ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا) بِالنُّونِ (فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا) بِالْقَافِ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ: وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَلَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، وَلِأَبِي دَاوُدَ حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ، وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: حَتَّى تَسْتَوِيَ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِكَ كَالرُّمْحِ فَإِذَا زَالَتْ فَصَلِّ، وَلِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ بِالْجَوَازِ مَعَ رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فَإِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ، أَوْ رَدَّهُ بِالْعَمَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: مَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ إِلَّا وَهُمْ يَجْتَهِدُونَ وَيُصَلُّونَ نِصْفَ النَّهَارِ، انْتَهَى. وَالثَّانِي أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ بِلَا شَكٍّ إِذْ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَشَاهِيرُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ فَقَدِ اعْتَضَدَ بِأَحَادِيثِ عُقْبَةَ وَعَمْرٍو وَقَدْ صَحَّحَهُمَا مُسْلِمٌ كَمَا رَأَيْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>