وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا»
ــ
٥١٣ - ٥١٦ - (مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَتَحَرَّ) هَكَذَا بِلَا يَاءٍ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَلَى أَنَّ لَا نَاهِيَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ التِّنِّيسِيِّ وَالنَّيْسَابُورِيِّ: لَا يَتَحَرَّى بِالْيَاءِ عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَةٌ، قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: يَجُوزُ الْخَبَرُ عَنْ مُسْتَقَرِّ أَمْرِ الشَّرْعِ أَيْ لَا يَكُونُ إِلَّا هَذَا، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا وَإِثْبَاتُ الْأَلِفِ إِشْبَاعٌ (أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ) فِي جَوَابِ النَّفْيِ أَوِ النَّهْيِ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ التَّحَرِّي وَالصَّلَاةِ مَعًا، وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ: يَجُوزُ الْجَزْمُ عَلَى الْعَطْفِ أَيْ لَا يَتَحَرَّ وَلَا يُصَلِّ، وَالرَّفْعُ عَلَى الْقَطْعِ أَيْ لَا يَتَحَرَّ فَهُوَ يُصَلِّي، وَالنَّصْبُ عَلَى جَوَابِ النَّفْيِ أَيْ لَا يَتَحَرَّى مُصَلِّيًا، وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ وَمَعْنَاهُ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ (عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا) قَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَنْعَ مِنَ النَّافِلَةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أَوِ الْمَنْعَ مِنْ تَأْخِيرِ الْفَرْضِ إِلَيْهِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ: اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ هُوَ تَفْسِيرٌ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُمَرَ: " أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ» " فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بَعْدَهُمَا إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِصَلَاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا ; لِأَنَّ التَّحَرِّيَ الْقَصْدُ، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَوَّاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ نَهْيٌ مُسْتَقِلٌّ، وَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتَيْنِ قَصَدَ لَهَا أَمْ لَمْ يَقْصِدْ. وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ: " وَهِمَ عُمَرُ إِنَّمَا نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ وَغُرُوبُهَا ". قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا رَأَتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَمَلَتْ نَهْيَهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى حِينَئِذٍ قَضَاءً، وَأَمَّا النَّهْيُ فَثَابِتٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ عُمَرَ، انْتَهَى. وَمُوَاظَبَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ خَصَائِصِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: " «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهَا وَيُوَاصِلُ وَيَنْهَى عَنِ الْوِصَالِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمٌ وَزَادَ: " «وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا» " وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute