للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَجْوَافِهِ الْكَافُورُ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ وَلَوْنُهُ أَحْمَرُ وَإِنَّمَا يَبْيَضُّ بِالتَّصْعِيدِ (أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، قَالَ أَيَّ اللَّفْظَيْنِ وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي ; لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ. وَجَزَمَ فِي رِوَايَةِ الثَّقَفِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ جَعْلُ الْكَافُورِ فِي الْمَاءِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ: إِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْحَنُوطِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْغُسْلِ وَالتَّجْفِيفِ، وَحِكْمَةُ الْكَافُورِ زِيَادَةً عَلَى تَطْيِيبِ رَائِحَةِ الْمَوْضِعِ لِلْحَاضِرِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فِيهِ تَجْفِيفًا وَتَبْرِيدًا وَقُوَّةَ نُفُوذٍ وَخَاصِّيَّةً فِي تَصْلِيبِ بَدَنِ الْمَيِّتِ وَطَرْدِ الْهَوَامِّ عَنْهُ وَرَدِّ مَا يَتَحَلَّلُ مِنَ الْفَضَلَاتِ وَمَنْعِ إِسْرَاعِ الْفَسَادِ إِلَيْهِ، وَهُوَ أَقْوَى الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا سِرُّ جَعْلِهِ فِي الْأَخِيرَةِ ; إِذْ لَوْ كَانَ فِي الْأُولَى مَثَلًا لَأَذْهَبَهُ الْمَاءُ، وَهَلْ يَقُومُ الْمِسْكُ مَثَلًا مَقَامَهُ إِنْ نُظِرَ إِلَى مُجَرَّدِ التَّطْيِيبِ؟ نَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُقَالُ: إِذَا عُدِمَ الْكَافُورُ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إِذَا مَاثَلَهُ وَلَوْ بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الْحَافِظُ.

(فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) مِنْ غَسْلِهَا (فآذِنَّنِي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، أَيْ أَعْلِمْنَنِي (قَالَتْ) أُمُّ عَطِيَّةَ (فَلَمَّا فَرَغْنَا) بِصِيغَةِ الْمَاضِي، جَمَاعَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ " فَرَغْنَ " بِصِيغَةِ الْغَائِبِ لِجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ (آذَنَّاهُ) أَعْلَمْنَاهُ (فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْلٍ بَعْدَهَا قَافٌ سَاكِنَةٌ (فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ (إِيَّاهُ) أَيِ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا، أَيِ الثَّوْبَ الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا تَبَرُّكًا، وَحِكْمَةُ تَأْخِيرِهِ مَعَهُ حَتَّى فَرَغْنَ مِنَ الْغُسْلِ دُونَ إِعْطَائِهِ لَهُنَّ لِيَكُونَ قَرِيبَ الْعَهْدِ مِنْ جَسَدِهِ الْكَرِيمِ بِلَا فَاصِلٍ مِنَ انْتِقَالِهِ مِنْ جَسَدِهِ إِلَى جَسَدِهَا، وَهُوَ أَصْلٌ فِي التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ (تَعْنِي) أُمُّ عَطِيَّةَ (بِحَقْوِهِ إِزَارَهُ) وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ مَجَازًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: " فَنَزَعَ مِنْ حَقْوِهِ إِزَارَهُ " وَالْحَقْوُ فِي هَذَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ، وَالثَّلَاثَةُ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، الثَّلَاثَةُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ بِزِيَادَاتٍ، وَمَدَارُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>